الطير تصلي صلاةً لا ركوع فيهلا ولا سجود، الله يعلمها ونحن لا نعلمها.
{وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}[النور:٤١] ما ميزان الصلاة عند الإنسان؟ إنها وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ختم بها حياته، ومع ذلك فرط فيها من فرط، وضاع فيها من ضاع، وذل بتركها من ذل بعد العز، فاسمع إلى ما يقول صاحب وحي الواقع، بعد مجزرة الأقصى في رمضان المشهود التي راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى، تقابل مسلم ويهودي، فقال المسلم: مهما طال بكم الزمن يا أحفاد القردة والخنازير لنخرجنكم منها أذلة وأنتم صاغرون، وسيكون معنا الشجر والحجر في حربكم، قال اليهودي: نعم.
وهذا صحيح، نقرأه في كتبنا ويعلمه عالمنا وجاهلنا، ولكن لستم أنتم، قال المسلم: فمن هم؟ قال: هم الذين يكون عدد مصليهم في صلاة الفجر بقدر عدد المصلين في صلاة الظهر.
وصدق فإنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة وضيعها، إن الصلاة لتدعو الله لحافظها: حفظك الله كما حفظتني، وعلى مضيعها: ضيعك الله كما ضيعتني، فلا إله إلا الله كم من ضائع ساقط لا قيمة له بتضييع الصلاة ودعائها عليه!
إن الديك ليوقظ للصلاة ويدعو لها ويؤذن، بل أمرنا إذا سمعنا صوته أن نسأل الله من فضله لأنه رأى ملكاً، فلا إله إلا الله، كم من ديك هو خير من إنسان عند الله، وهو يأكله، فكم من مأكول هو خير من آكله! وأنت تعلم هذا، أقبل ببصيرتك لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح الجامع يوم قال:{إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثنية تحت العرش وهو يقول: سبحانك ما أعظمك، سبحانك ما أعظمك} فهلا عظمَّت الله وقدَّرته حق قدره فانقدت واستسلمت وأخلصت وأنبت وانسجمت مع هذا الكون صغيره وكبيره فكان حالك ومقالك: سبحانك ما أعظمك!
سبحان من لو سجدنا بالعيون له على شبا الشوك والمحمى من الإبر
لم نبلغ العشر من معشار نعمته ولا العشير ولا عشراً من العشر
أحبتي في الله: الأدلة على وحدانية الله، وأنه المستحق للعبادة لا شريك له كثيرة لا تعد ولا تحصى ولعل فيما تقدم ما يكفي لأولي الأحلام والنهى.