صورة أخرى: لما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته بالهجرة إلى المدينة، تجهز أبو بكر يريد أن يكون الأول في كل شيء، يسابق إلى الخيرات، واتجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب الإذن بالهجرة، فقال صلى الله عليه وسلم له:{لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحباً} يدخره رسول الله صلى الله عليه وسلم لحدث ومنزلة لا يتكرر عبر تاريخ الحياة كلها، فقام بإعداد الرواحل، وقام يعلفها من ورق التمر استعداداً للهجرة، وكان من عادة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر كل يوم مرتين بكرة وعشياً، قالت عائشة:{وبينما نحن جلوسٌ يوماً في نحر الظهيرة، وإذ برسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها أبداً، فيقول أبو بكر: فداء له أبي وأمي ما جاء إلا لأمر، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس على سرير أبي بكر وقال: اخرج من عندك يا أبا بكر! قال: إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: فإن الله قد أذن لي بالهجرة، قال أبو بكر وهو يبكي من الفرح: الصحبة يا رسول الله! قال: الصحبة يا أبا بكر! قالت عائشة: والله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحداً يبكي من الفرح، حتى رأيت أبي يبكي يومئذٍ من الفرح} أخرجه البخاري.
يا لله! هل يبكي فرحاً بمنصب؟! هل يبكي فرحاً بمال؟! بجاه؟! بوظيفة؟!
لا والله الذي لا إله إلا هو إنه ليعلم أن السيوف تنتظره، وأن القلوب الحاقدة تتلهف للقبض عليه، وأن الجوائز العظيمة تعلن للقبض عليه وعلى صاحبه، لكن.
فما لجرح إذا أرضاكم ألم.
أولئك حزب الله آساد دينه بهم عصب الطاغوت تشقى وتعطب
أولئك أنصار النبي ورهطه لهم يتناهى كل فخر وينسب
أولئك أقوام إذا ما ذكرتهم جرت عبرات العين حراً تصبب
جزى الله خيراً شيخ تيم وجنده فراياته في الخير والبر تضرب