ثبت في البخاري أن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه وأرضاه- أتي بطعامٍ وكان صائماً، فدار بخلجه من مضى لسبيله من أصحابه ولم يترك شيئاً، ولم يرَ من نعيم الدنيا شيئاً، فأدركه الخوف، فقال:[[قتل مصعب وهو خير مني، وكفن في بردةٍ إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، وقتل حمزة وهو خيرٌ مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط -أو أعطينا من الدنيا ما أعطينا- وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام]] رضي الله عنه وأرضاه.
لقد تذكر عبد الرحمن ذلك الفتى المنعَّم الذي صاغه الإسلام، فتقدم حين نادت المغارم، وذهب للقاء ربه قبل مجيء المغانم، اختاره الله ليموت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم على يديه:
أسيد الذي تنزلت الملائكة لتلاوته القرآن، وسعد الذي اهتز لموته عرش الرحمن، فخشي عبد الرحمن ألا يدرك ما أدركوه، لما يرى من نعم الله عليه، وقد اشتاق لهم، إيه عبد الرحمن!
رفقاً بها فشوقها قد ساقها يا حبذا الوادي الذي قد شاقها