يغدو بعض الناس ليعق اللذين هما السبب في وجوده بعد الله جلَّ وعلا، والله عز وجل يقول:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}[الإسراء:٢٣].
واليوم نسمع -يا أيها الأحبة- ويا ليت الإنسان أحياناً لا يسمع، غيِّر اسم الأب، وأهينت الأم في كثيرٍ من البيوت يوم ضاعت تقوى الله جلَّ وعلا، فما تسمع في بعض البيوت إلا تسمية نتنة نتن الجيف، يقول لأبيه: شيبة النحس ويقول لأمه: عجوز الشؤم أراحنا الله منهما، إن هذه الكلمات لتنطلق من أولاد على والديهم.
فلا إله إلا الله! إن رضا الله في رضا الوالدين، وإن سخط الله في سخط الوالدين.
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، ثم عقوق الوالدين} من أكبر الكبائر عقوق الوالدين، دعوة الوالدين غنيمة من الله عز وجل، دعوة الوالدين مستجابة لا تُرَدَّ، فكم من دعوة والد أوبقت دنيا الولد وأخراه! وكم من دعوة والد أسعدت دنيا الولد وأخراه!
يقول أبان بن عياش خرجت من عند أنس بن مالك بـ البصرة ومررت على السوق؛ فإذا أنا بجنازةٍ يحملها أربعة نفر ووراءهم امرأة، فقلت: ميت يموت من المسلمين لا يتبع جنازته إلا أربعة نفر! والله! لأشهدن هذه الجنازة، قال: فتقدمت ثم ذهبت وراءهم وحضرت الجنازة، فلما دفنوا هذه الجنازة قلت لهم: ما حالتكم مع هذه الجنازة لم يحضرها إلا أربعة؟ أين المسلمون؟ قالوا: استأجرتنا تلك المرأة لدفن هذا الرجل، فسلها ما لديها.
قال: فذهبت وتلمست الطريق وراءها حتى وصلت لبيتها، ثم تركتها وعدت لها بعد فترة ودخلت عليها، وقلت لها: أحسن الله عزاءك، لله ما أخذ وله ما أبقى، وكل شيء عنده بأجلٍ مُسَمَّى، ما خبرك وما خبر الجنازة التي دفنتموها في ذلك اليوم؟ قالت: إن هذا ابني، كان مُسِرفاً على نفسه، مرتكباً للموبقات والمعاصي والسيئات، كثير العقوق لي، ويوم حلّت به سكرات الموت، قال: يا أماه! أتريدين لي السعادة؟ قالت: إي والله! والأم والأب ينسى كل زلة من ولده في تلك اللحظات، قال: فإذا أصبحت في السكرات الأخيرة فلقنيني شهادة أن لا إله إلا الله، ثم ضعي قدمك على خدي وقولي هذا جزاء من عصى الله، ثم ارفعي يديك إلى الله وقولي: اللهم إني أمسيت راضية عن ابني فارض عنه، ولا تخبرين أحداً بموتى فإنهم يعلمون عصياني ولن يشهدوا جنازتي.
قال: ففعلتي؟ قالت: إي والله! لقد فعلت ما قال، قال: فما الخبر؟ فتبسمت وقالت: والله! رأيته البارحة في المنام وهو يقول: يا أماه! قدمت على رب رحيم كريم غير غضبان عليَّ ولا ساخط بدعوتك.
رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين.