من ننتظر أن يصلح حالنا إذا ما أصلحنا؟ {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد:١١] لكن يشترط في من يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر شروط:
أولها: أن يكون أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر خالصاً لله، لا يبتغي الأجر إلا من الله، لا ليقال أمر ونهى؛ فإن الله سوف يرد عليه مقاصده، ولا يجعل لدعوته أثراً ولا فائدة ولا نفعاً، وأن يكون ذا علم، وذا بصيرة وحكمة:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[النحل:١٢٥] وأن يكون عاملاً بما يقول، وما أقبح من ينهى الناس، وهو واقع فيما ينهى عنه! لن تقبل دعوته.
لا تنه عن خلقٍ وتأتيَ مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
ابدأ بنفسك فانهها عن غَيِّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
وأن تكون الدعوة بالتي هي أحسن؛ بالتحبب إلى القلوب، بشراء الأرواح، إن الذي يأتي ليغير منكراً بمنكر ما فعل شيئاً، بل أعان الشيطان على أخيه.
إن من يجرح ويفضح الناس، ويشتم الناس، ويسب الناس، لن يجد أثراً لدعوته، يقول الإمام الشافعي -وهو يعلن مبدأ عظيماً من مبادئ الدعوة إلى الله-:
تعمدني بنُصحكَ في انفراد وجَنِّبْنِي النَّصِيحةَ في الجماعة
فإن النصحَ بين الناسِ نوعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعَه
فإن خالفتني وعصيتَ أمري فلا تجزع إذا لم تُعْطَ طاعة