يقول كعب:{فجئت وسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتبسم تبسُّم المغضب، ثم قال: تعال.
فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي: ما خلَّفك يا كعب؟ ألم تكن قد ابتعت ظهراً؟ -أي اشتريت مركوباً- قال: قلت: يا رسول الله! والله! لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أُعْطيتُ -والله- جدلاً، لكني -والله- قد علمت لَئِنَّ حدثتك -اليوم- حديث كذب ترضى به عني ليوشكنَّ الله أن يُسخطَك عليَّ، وإن حدثتك حديث صدق تَجِد عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عقبى الله عز وجل، والله! ما كان لي من عذر، والله! ما كنت -قط- أقوى ولا أيسرَ مني حين تخلفت عنك، فقال صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك}.
فلا إله إلا الله! صِدْقٌ ووضوحٌ وصراحةٌ، وهكذا كان صحب محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا يجب أن يكون المؤمنون:
والمؤمنون على عناية ربهم يتوكلون لا خوف يرهبهم ولا هم في الحوادث ييئسون
عندها جاء إليه رجال من بني قومه يريدون منه الاعتذار كما اعتذر المخلفون.
يقول كعب:{فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع، فأُكذِّب نفسي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى علمت بخبر الرجليْن الصالحيْن من أهل بدر، واللذيْن صدقَا، فقلت: لي فيهما أسوة وهما هلال الواقفي، ومرارة بن الربيع}.