[رجال الإسلام وأهمية الوقوف على أخبارهم]
الحمد لله الذي نشر بقدرته البشر، وصرف بحكمته وقدر، وابتعث محمداً إلى كافة أهل البدو والحظر، فأحل وحرم وأباح وحظر، وابتلاه في بداية النبوة بمداراة من كفر، فدخل دار الأرقم فاكتسى واستتر، إلى أن أعز الله الإسلام برجال كـ أبي بكر وعمر، فصلوات الله عليه وعلى جميع أصحابه الميامين الغرر، وعلى تابعيهم بإحسان على السنة والأثر، صلوات الله عليه ما هطلت الغمائم بتثان المطر، وهدلت الحمائم على أفنان الشجر، وسلم تسليماً كثيراً على سيد البشر.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من جمع التقى حباً في ذكر الله، وحيا الله قلوباً أقبلت تئرز إلى بيوت الله، وعلى حبكم أيها الجمع أشهد الله، وأسأله أن يجمع قلوبنا على تقواه، وأن يظلنا تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، اللهم اجعل هذا الجمع في صحائف الحسنات، في يوم تعز فيه الحسنات، واغفر اللهم لنا ما يكون من زلات، اللهم بك نعتضد، ومن فيض جودك نستمد، اللهم اجعل هذه الكلمات خالصة لوجهك الكريم، ووصلة للفوز بجنات النعيم، وانفع بها من تلقاها بالقبول، وبلغنا وسامعها من الخير أجل المأمول، أنت أكرم مسئول على الدوام، وأحق من يرتجى منه حسن الختام.
صور وعبر: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى} [يوسف:١١١].
اقرءوا التاريخ إذ فيه العبر ضلَّ قوم ليس يدرون الخبر
سائلوا التاريخ عنا كيف كنا نحن أسسنا بناءً أحمديا
أيها الأحبة في الله! إن أمر آخر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها، ولا يشك عاقل يؤمن بالله ورسوله أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم خير الخلق بعد رسول الله، وأنه صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وصحابته أفضل قرن من أمة وجدت على وجه الأرض، وإن معرفة أحوالهم وأخلاقهم وسيرهم لتضيء الطريق أمام المؤمن الذي يريد أن يعيش أسوة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن هنا كان لزاماً علينا معرفة أخبارهم وسيرهم، ونشرها بين المسلمين عظة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع، لماذا؟ لأنهم نقلوا الإسلام إلينا نقلاً صحيحاً؛ ولأن المحافظة على الإسلام تستوجب العناية بتاريخهم، لئلا يجد أعداء الإسلام سبيلاً للطعن في الإسلام عن طريق الطعن في نقلته.
ولما كان الأمر كذلك دعت الحاجة إلى تبيين فضائلهم؛ ليكون ذلك ردعاً للموتورين الذين كفروا الصحابة وضللوهم، وأسقطوا عدالتهم كي يهدموا الإسلام من قواعده وأنى لهم ذلك؟ لكنهم قوم لا يفقهون!!
كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
ولعل ديننا القويم قد تميز عمن سبقه من الأديان بمعجزة تتجدد في كل وقت وآن، ألا وهي معجزة الرجال الذين عاشوا حياتهم للإسلام فلم يعرفوا للراحة طعماً، ولم يعرف الخمول إلى نفوسهم طريقاً، فكانوا حركة مشبوبة لا تهدأ ولا تفتر ولا تكلُّ ولا تملُّ، لا يهمها من الحياة مالٌ أو متاع، ولا تشغلها دون غايتها زخارف الدنيا وبهجتها، وحدوا همتهم في إرضاء الله، محقوا من بواطنهم كل نية تشوبها الشوائب فكانوا خالصين لله، فأكرمهم بأن جعلهم من معجزات نبيه الكريم، ليثبتوا للدنيا كلها أن دين الله تام كامل، وأن شرع الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن الله متم نوره ولو كره الكافرون، ولو كره المنافقون والظالمون والفاسقون.
إن أخبار هؤلاء الأخيار دواء للقلوب، وجلاء للألباب من الدنس والعيوب، وقدوة في زمن كادت القدوات أن تغيب، فمنهم مثال يحتذى، ونبراس يقتدى، ليعرف المتأخر للمتقدم فضله، ويسعى على دربه ونهجه.
بالوقوف على أخبار هؤلاء الأخيار تحيا القلوب، وباقتفاء آثارهم تحصل السعادة، وبمعرفة سيرهم ومناقبهم تحيا القلوب، وبمعرفة مناقبهم تحصل السعادة، وبمعرفة مناقبهم تكون القدوة بجميل الخصال ونبيل المآثر والفعال، فهيا أيها الجمع الكريم إلى الصور ذات العبر، ولست مدعياً ولست زاعماً أني سأبين العبرة من كل صورة، بل إن البعض منها سيسرد سرداً تتبين فيه العبرة من خلال الصورة، فاللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً.