فهيا أخي ... أقبل بقلبك وقالبك واسمع إلى صاحب (كيف تحاور) وهو يخاطبك قائلا: (لتبتعد عن تهوين ما لا يعجبك وتهويل ما يعجبك، فإنك إن اشتهرت بذلك فسنضطر لتفحص عينيك عند سماع جديد الأخبار منك). نعم! إن الحقيقة غالية عند أصحاب النفوس القويمة والعقول المستقيمة ولو كانت في غير صالحهم فهي على مرارتها ثمينة. أما غيرهم فيخدع نفسه ويخدع غيره.
فلا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
بالملح نصلح ما نخشى تغيره ... فكيف بالملح إن حلت به الغير
صور العمى شتى وأقبحها إذا ... نظرت بغير عيونهن الهام
دواؤك منك ولا تشعر ... ودواؤك فيك ولا تبصر
* * * * *
[الإشارة السابعة عشرة: الأصل في المسلم السلامة]
من المبادئ المهمة في التعامل على الطريق بين المسلمين إحسان الظن بهم، وخلع المنظار الأسود عند النظر إلى مواقفهم وأعمالهم فكيف بنياتهم، والحكم على سرائرهم التي علمها عند من لا تخفى عليه خافية ولا يغيب عنه سر ولا علانية، الأصل في المسلم الستر والصيانة حتى تظهر منه الخيانة لكن من الناس من منظاره أسود، أفهام الناس عنده سقيمه ومقاصدهم سيئة، كلما سمع من إنسان خيرا كذبه، وكلما ذكر عنده احد بخير طعن فيه وجرحه.
هم الشوك والورد أقرانهم ... وليس لدى الشوك غير الإبر
فكنت كذئب السوء لما رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدم
يقولون لي أهلا وسهلا ومرحبا ... ولو ظفروا بي ساعة قتلوني
مبدع؛ لكنه إبداع سلبي، مبدع في تحطيم ما بينه وما بين الناس من جسور الثقة والذي يريد هداية الناس يبني جسور الثقة بينه وبين الناس ليكسب القلوب ليزرع فيها خوف وحب علام الغيوب.