الإغراق في المبالغة سلبية في حياة عامة الناس وهي ظاهرة في سلوك المجتمع والأسرة والفرد وقد تعالج بمثلها، داء بداء فأين الدواء؟ وهاك المثال:(جاء طفل مسرع نحو أمه قائلاً: لقد وجدت في الحمام فأرا ياماه مثل الفيل، فردت عليه الأم مؤنبة له: قلت لك مليون مرة لا تبالغ. فقل لي بالله أيهما أكثر مبالغة، أليس الطفل معذورا فيما اخبر به عن أمه؟ بلى) وحالة:
محضتني النصح لكن لست تعمله ... فأنت أولى بذا مني على خجل
هذا على مستوى الأسرة والعامة وتلك والله فاقرة وقبيحة وقاصمة ولكنها في حق طلاب العلم والأخيار ثغرة كبيرة في جدار بنيانهم التربوي لا تكاد تسد.
فكل كسوف في الدراري شنيعة ... ولكنه في الشمس والبدر أشنع
إنها تظهر جلية مشينة في الحكم على الآخرين قدحا ومدحا فهذا يمدح ممدوحه حتى يوصله ذرى الجبال فلا تزال تسمع ما يلي: فلا إبن تيمية عصره وابن حجر زمانه وبخاري أوانه .. ليس له مثال .. علامة فهامة .. حتى إذا ما حصل أمر - أي أمر- تغير وتبدل وصار الأنف ذنباً ونصبت له المجانيق وأرسلت الصواعق وسلت السيوف ورفعت المعاول ومن قمم الجبال إلى حضيض الإهمال فإذا هو مارد خرج من قمقمه فإياك وإياه لا تتبع أقواله .. إنه غاو ومضل ما رق معاند خائن فاسد العقيدة أشر على الإسلام من اليهود والنصارى، حيف وظلم وشطط وجور وعدم اتزان وتدمير جنان.
يا عين سحي يا قلوب تفطري ... يا نفس رقي يا مروءة نادي
إن دام هذا ولم يحدث له غير ... لم يبك ميت ولم يفرح بمولود
يا معشر القراء يا ملح البد ... ما يصلح الملح إذا الملح فسد
ورحم الله القائل يوم قال: والله إن الأمة لن تأخذ موضعها بين الأمم حتى تضع الكلمة في موضعها.