[أهمية العقيدة في الحياة وقيمتها]
إننا أمة عقيدة متى ما تمسكت بعقيدتها خافها أعداؤها، إننا أمة عقيدة يهابها الكفر وأهله وأعوانه مهما كان عندهم من عتاد وعدة، إننا أمة عقيدة متى ما تمسكت بها ثبتت عند الشدائد والمحن، إننا أمة لطالما قلنا إننا أمة عقيدة، فإن عقيدتها في خضم الأحداث الجارية، في خضم الفتن التي ما تأتي فتنة إلا وأختها ترققها وتحدوها من بعدها.
ماذا أقول ومن سيفقه قولتي وإذا صرخت فمن سيسمع صرختي
إنها هذه الفتنة المحدقة بنا أعطتنا إفرازات معينة تقول: إننا أمة تحتاج إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، إنها هذه الفتنة أعطتنا: أنه يجب أن نرجع إلى الكتاب والسنة ونبحث عنها أكثر من بحثنا عن الطعام والشراب والهواء، إنها أعطتنا إن لم نرجع بصدق؛ فإن الفتن كعقد قطع سلكه فتتابع، فتن بعضها يحدو بعضاً، ومحمد صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء، ولما أحدقت بنا الفتن تخبطنا يمنة ويسرة ونسينا قول المصطفى: {تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي} ترك الله لنا هذا النور، من استضاء به في الظلمات كان مهدياً منصوراً، وكثير منا تنكبه ونسيه وتعلق بغيره فهو في الظلمات ليس بخارج منها.
عقيدتنا تأمرنا أن نرتبط برب يقول للشيء: كن فيكون، وارتبط الناس بكل شيء إلا بمن يقول للشيء: كن فيكون، عقيدتنا تأمرنا أن نفتش عن أسباب الفتن وسبب تسلط الأشرار من الأعداء، فكم هم الذين ارتبطوا بذلك مع هذه الأحداث؟!
كم هم الذين انطلقوا إلى المسجد ليواظبوا على صلاة الفجر ويقوموا الليل، لما أحدقت الخطوب الآن، ورأوا أن الموت وشرر الحرب يتقد يمنة ويسرة؟!
كم هم الذين صاحوا بأعلى صوتهم، وقالوا: لا مخرج لنا مما نحن فيه إلا بعودة صادقة إلى الله؟!
كم هم الذين نادوا بالتناصح والقضاء على المنكرات التي قلما نتجه إلى جهة إلا ونجد فيها منكراً فظيعاً؟!
كم هم الذين صاحوا بأعلى صوتهم، وقالوا: إن سفينة الحياة تخرب، فهيا لإنقاذها قبل غرق الجميع؟! إنهم والله قلة، لكن يرحم الله البلاد بمصلحيها ودعاتها {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧].
عقيدتنا تقول: الولاء والمحبة والنصرة لأولياء الله لا من أجل عروبة، ولا لقومية، ولا لقرابة، ولا لقبيلة، ولا لجيرة، ولكن نوالي من قال: لا إله إلا الله بصدق ويقين وإخلاص، أما تلك فأعراف ألقاها الإسلام، داسها بقدميه وبعضنا لا زال ينادي بها، محمد صلى الله عليه وسلم يقول: {أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله} إن أحببنا فلله، وإن أبغضنا فلله، وإن والينا فلله، وإن عادينا فلله.
عقيدتنا تقول: آن الأوان لترك اللهو والطرب والمزامير والعبث، وآن الأوان لشد المئزر وحمل المدفع لا لتراب، ولا لعروبة، ولكن لرفع لا إله إلا الله.
عقيدتنا تقول: انطلقوا للدفاع عن راية التوحيد حتى لا يعبد في الأرض سوى الله، وما ذلك على الله بعزيز.
عقيدتنا تقول: لسنا بحاجة إلى قوة عسكرية فقط، بل حاجتنا والله إلى القوة المعنوية أعظم وأشد، ألا وهي قوة التوكل على الله، قوة العقيدة التي إن وجدت ينصرنا رب السماوات والأرض.
عقيدتنا تقول: وآأسفاه على أمتي! وآأسفاه على أهل العقيدة! ينظرون لتحليلات إذاعات الغرب التي تقارن قواتنا بقوات الغرب، وما علمت أنها تنصر بهذا الدين لا بعدد ولا عُدد.
عقيدتنا تقول: لا تتعلق أيها المسلم بمحادثات فلان وفلان، ولكن تعلق بمن يقول: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:٥١].
عقيدتنا تقول: لا تتعلقوا بإذاعات الأراجيف التي تبث سمومها لتضع الفجوة بين الولاة والعلماء، لكن تعلقوا بمن يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:٦].
عقيدتنا تقول: إن ارتباطنا بمن يقول للشيء كن فيكون، أين إيماننا بلا إله إلا الله؟!
عقيدتنا تقول: لو جاءت جميع قوى الدنيا ولم يرد الله نصرنا ما استطعنا أن ننتصر على أحد {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران:١٦٠] هل وعينا ذلك؟ هل فهمنا ذلك؟ هل أيقنا بذلك؟ نسأل الله ذلك.
عباد الله! أمتكم مستهدفة في كل شيء؛ في عقيدتها، في ثرواتها، في مناهجها، في إعلامها، والكثير لا زال يعيش في غيبوبة لا يعلم ما يحيط أمته ولا ما يحيط بها، هو بحاجة إلى نظارات من تقوى الله يبصر به المجتمع ليرى ما فيه مما يندى له الجبين.