[نصرة ونجدة المظلومين]
حقيقة الكلمة: نصرة ونجدة المظلومين، وإنصافهم عند القدرة من الظالمين، ومن نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا والآخرة.
ليس من شأن المسلم المتقي لله حقاً أن يدع أخاه فريسة في يد مَنْ يظلمه أو يذلّه، وهو قادر على أن ينصره، من أُذِلَّ عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره، أذلَّه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة.
ثبت عند ابن ماجة في سننه عن جابر قال: {لما رجعت مهاجرة البحر -مهاجرة الحبشة - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة، قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم، تحمل على رأسها قُلَّةُ من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها، فخرَّت على ركبتيها، فانكسرت قُلَّتها، فلمَّا قامت التفتت إليه وقالت: سوف تعلم يا غدر! إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، كيف يكون أمري وأمرك عنده غداً؟ فقال صلى الله عليه وسلم: صدقتْ! صدقت! كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟! أبغوني الضعفاء؛ فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم.
إن من الضعفاء من لو أقسم على الله لأبرَّه}.
{وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال:٧٢] كم يستغيثون؟ كم هم يَئِنُّون؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
والعالم اليوم شاهد بذا.
المستذل الحر والمزدرى عالي الـ ذرى والأوضع الأشرف
كم في المسلمين من ذوى حاجة، وأصحاب هموم، وصرعى مظالم، وفقراء وجرحى قلوب، في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين أنَّى اتجهت:
كبلوهم قتلوهم مثَّلوا بذوات الخدر عاثوا باليتامى
ذبحوا الأشياخ والمرضى ولم يرحموا طفلاً ولم يبقوه غلاما
هدموا الدُّور استحلُّوا كل ما حرَّم الله ولم يَرْعَوْا ذِمَاما
أين من أضلاعنا أفئدة تنصر المظلوم تأبى أن يضاما
نسأل الله الذي يكلؤنا نصرة المظلوم شيخاً أو أيَامى.
لا تكن العصافير أحسن مروءةً منا، إذا أُوذي أحد العصافير صاح فاجتمعت لنصرته ونجدته كلها، بل إذا وقع فرخ لطائر منها طِرْن جميعاً حوله يعلِّمْنَه الطَّيران؛ فأين المسلم الإنسان؟
إذا أخصبت أرض وأجدب أهلها فلا أطلعت نبتاً ولا جادها السما
انصر الحق والمظلوم حيث كان، ولا تطمع بوسام التقوى حقيقة إلا إن كنت فاعلاً متفاعلاً، نصيراً بكلمة بشفاعة بإعانة بإشارة خير بدعاء بعزم ومضاء.
عَبِّئْ له العزم واهْتِف مِلء مَسْمَعِه لابد لليل مهما طال من فلق
هذا عرينك لكن أين هيبته والليث ليث فتيّاً كان أو هَرِمَا
على الليالي على الأيام في ثقةٍ نقِّل خطاك وإلا فابتر القدما
كالسيل منطلقاً كالليل مهتدماً حتى ترى حائط الطغيان منهدما