فإن لم يحرك فيك ما مضى ساكنًا، فلا تبرر قعودك، ولا تبرر ضعفك، ولا تبرر خَوَرَك؛ فإن ذلك أقبح من ضعفك، وأشنع من خورك وقعودك، لكن سلِ الله أن يرفع ما بك؛ فهو خير لك.
يجلس بعض المتخاذلين عن تبليغ دين الله ونَشْرِه شبعان ريان، متكئًا على أريكته، حتى إذا ما طلب منه نصرة دينه -ولو بكلمة- أو كُلِّف بأبسط مهمة لخدمة دينه، انبرى يتهرب من المسئولية، ويورد لك الأدلة الصحيحة التي تدل على أن واقع المسلمين سيكون ضعيفًا وسيئًا في المستقبل ولابد من العزلة، فيوقعها على حاله، فإذا به ينبري ويقول: في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن}، ويقول صلى الله عليه وسلم -كما ثبت في صحيح البخاري -: {ما من عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم}، وهكذا دواليك، يبرر قعوده ولا يعمل بمقتضى الحديث الذي لا ينطبق على زمانه حقًا، ولم يفهمه في ضوء النصوص الأخرى؛ فأول ما يجني عليه اجتهاده، تعود نقض العزائم فحيل بينه وبين الغنائم.
ويجلس الآخر شبعان ريان، متكئًا على أريكته، حتى إذا ما عاتبته في التخاذل عن تبليغ دين الله واستغراقه في اللهو والترف، انطلق كالقذيفة مرددًا:{يا حنظلة! ساعة وساعة} وكأنه لا يعرف من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم غير هذا:
ما لم تقم بالعبء أنت فمن يقوم به إذن
إن الذين لا تغلي دماؤهم، ولا تلتهب نفوسهم، ولا تهتز مشاعرهم لخدمة هذا الدين، لا يُعقد عليهم أمل، ولا يُناط بهم رجاء:{أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ}[النحل:٢١]، والميت لا يحس بالأوجاع:{وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}[النحل:٢١].
إن النائم يوقظ، والغافل يُذكَّر، ومن لم يُجْدِ فيه التذكير ولا التنبيه فهو ميْت، إنما تنفع الموعظة من أقبل عليها بقلبه:{وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَن يُنِيبُ}[غافر:١٣].