[رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة]
عباد الله: ويعود صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، بعد إرهاب أعداء الله من نصارى ويهود ومشركين، يعود في يوم بهيج، لتستقبله المدينة، لتستقبل نور بصرها صلى الله عليه وسلم، يخرج الأطفال في فرح، ليصطفُّوا على مداخل المدينة، وعلى أفواه الطرقات، ليستقبلوا رسول البرية صلى الله عليه وسلم، أصواتهم كما حقق ابن القيم عليه رحمة الله:
طلعَ البدرُ علينَا مِن ثنيات الوداع
وجَب الشكر علينَا ما دَعا لله دَاعْ
أيها المبعُوث فينَا جئتَ بالأمرِ المُطاعْ
جئتَ شرَّفت المدينةْ مرحباً يا خيرَ داعْ
وهنا قال صلى الله عليه وسلم: إنَّ بـ المدينة رجالاً، ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً، ولا وَطَئِتُم موطئاً يغيظ الكفار، إلا كانوا معكم، حبسهم العذر.
قالوا: يا رسول الله! وهم بـ المدينة؟! قال: نعم.
وهم بـ المدينة} ويتبسم صلى الله عليه وسلم ويمسح الرءوس، ويقبل ويدعو.
وهكذا انتصر المسلمون في تبوك على شهواتهم وأنفسهم، وبالتالي انتصروا على أعدائهم: {وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٤٠].
هذه غزوة تبوك قائدها محمد صلى الله عليه وسلم، جنودها صحابته رضوان الله عليهم، عز فيها المؤمنون، وسقط المنافقون، وذل الكافرون وانهزموا، وبالجهاد في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله يُنصَر المؤمنون:
والمؤمنون على عنا ية ربهم يتوكلون
لا خوف يُرهبهم ولا هم في الحوادث يحزنون
اللهم أنت الناصر لدينك، والمعز لأوليائك؛ افتح لنا فتحاً مبيناً، انصرنا نصراً عزيزاً، واجعل لنا من لدنك سلطاناً نصيراً، اللهم ثبِّت أقدامنا، وزلزل أعداءنا، اللهم أدخل الرعب في قلوبهم، واستأصل شأفتهم، واقطع دابرهم، وأَبِدْ خضراءهم، واجعل تدبيرهم تدميرهم، وأورثنا أرضهم، وديارهم وأموالهم، وكن لنا ولياً، وبنا حفيّاً.
يا من نصرت بماض ضعف أمتنا على الطواغيت عجل نصرنا الثاني
أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.