[عوامل انتصار المسلمين في نظر أعدائهم]
أيها الأحبة في الله! هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يثبت لهم العدو طواف ناقة عند اللقاء، ونحن تحت ضغط الحياة المادية قد نعتبر هذا الكلام خيالاً، لكن حتى الأعداء قد شهدوا بذلك.
ها هو هرقل وهو على إنطاكية كما في تاريخ ابن كثير يقول لجنده وقد قدمت الروم منهزمة: ويلكم! أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا بشراً مثلكم؟ قالوا: بلى.
قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كل موقف، قال: فما بالكم تنهزمون؟ فقال شيخ من عظمائهم: أأصدقك؟ قال: نعم.
قال: لأنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويتناصفون فيما بينهم، أما نحن فنشرب الخمر، ونزني، ونرتكب الحرام، وننقض العهد، ونغصب، ونظلم، ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الأرض، قال هرقل: لقد صدقتني ولقد أتانا منهم ما لا طاقة لنا به.
هكذا كان الجيل الأول من أمة الإسلام، العبرة عندهم بقوة العقيدة لا بكثرة العدد ولا العدة، إذ لا قيمة للسلاح في يد الجبان.
شهد الأنام بفضلهم حتى العدى والفضل ما شهدت به الأعداء
إنهم منهم:
عباد ليل إذا جن الظلام بهم كم عابد دمعه في الخد أجراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم هبوا إلى الموت يستجدوهن رؤياه
فما حالنا أيها الإخوة في الله! نسأل الله أن يَمُنَّ علينا بنعمة منه توقظ قلوبنا، مع الكفار استسلام وضعف وذلة وهزيمة، وبيننا أسود أشاوس، أشداء جلداء.
أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر
فيا لله للمسلمين! يا لله للمسلمين! يا لله للمسلمين!
ألم يبق أوس آخرون وخزرج ألم يبق للإسلام جيش عرمرم
فغاية ما نبلي من الجهد أننا نسب طواغيت اليهود ونشتم
إذا اتسموا باللؤم والغدر فالذي يفاوضهم منا أخس وألئم
فيا أمة الإسلام إن شئت عزة فإن كتاب الله هاد مقوم
وليس لكم شيء سواه يعزكم ويحفظكم من كل سوء ويعصم
ومع ما نحن فيه أيها الأحبة! إلا أن هناك بشائر عظيمة، ومع ما نحن فيه فإنا نقول:
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج
في قمة الظلام يولد النور، ولا تزال طائفة على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله وهي على ذلك، وإني لأرجو الله أن نكون من أهل هذه الطائفة.
وإن عرف التاريخ أوساً وخزرجاً فلله أوس قادمون وخزرج