إلى من عمى في شمس نهاره، وعثر في ذيل اغتراره، وسقط سقوط الذباب على الشراب، وتهاتف تهاتف الفراش على الشهاب إن العجب أكذب ومعرفة النفس أصوب- كما قيل- ولا شيء والله أنفع لها من الافتقار إلى باريها.
بقدر الصعود يكون الهبوط ... فإياك والنفخة العاتية
وكن في مكان إذا ما وقعت ... تقوم ورجلاك في عافية
* * * * *
الإشارة الحادية والعشرون: لا تكن يائساً
فالمستقبل لدين الله والعزة لأولياء الله. منا من رأى تفشي الشر والمنكر وانتشاره واستفحاله رأى العدو تبجح وتقوى وتحت ظل هذه الرؤية رأى أنه مهما عملنا فلن نغير من الواقع شيء ولن نجني سوى التعب والمشقة فليس إذا في السعي فائدة. فإذا بك تنظر إليه متهجم الوجه عاقد الحاجبين مقطب الجبين رافعاً راية: لو أسلم حمار آل الخطاب ما أسلم عمر يحسب يوم الجمعة الخميسا مردداً حين يطلب منه خدمة دينه -ولو بالكلمة-: أنت تؤذن في خرابة لا أحد حولك تنفخ في قربة مقطوعة وغيرها من عبارات:
تصدا بها الأفهام بعد صقالها ... وترد ذكران العقول إناثاً
هلك الناس ... هلك الناس في نظره وقد هلك، وصف النبي صلى الله عليه وسلم وصفا دقيقا كما في صحيح مسلم:((إن قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم)).
معاشر المؤمنين: مما لا شك فيه أن حقائق اليوم هي أحلام الأمس. وأحلام اليوم هي حقائق الغد. والضعيف لا يظل ضعيفا أبد الآبدين. والقوي لا يظل قوي أبد الآبدين. (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(القصص:٥ - ٦).