واسمع إلى ابن القيم وهو يحدث عن شيخه ابن تيمية رحمه الله فيقول: كان كثير ما يردد مالي شيء ما مني شيء ولا في شيء أنا المكدّي وابن المكدّي وهكذا كان أبي وجدي ويكتب بخط يده:
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسكين في مجموع حالاتي
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن ياتينا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لي دفع المضرات
والفقر لي وصف ذات لا زم أبداً ... كما الغني أبدا وصف له ذاتي
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي
يثني عليه في وجهه فيقول: والله إني لإلى الآن أجدد إسلامي في كل وقت وما أسلمت بعد إسلاماً جيدا رحمه الله.
كأن القائل يعنيه حين قال:
فصعدت في درج العلا حتى إذا ... جئت النجوم صعدت فوق الفرقد
على هذا سار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحون من بعدهم لم يتسلل العجب إلى نفوسهم ولم يدخل الغرور إلى قلوبهم تواضعوا لله فرفعهم الله في الدنيا وفي الآخرة يكرمهم بإذن الله (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (الأنعام:٩٠)
بتنا نعيش على كرام فعالهم ... هيهات ليس الحر كالمستعبد
اين الجبال من التلال أوالرَُبا ... أين القوي من الضعيف المقعد
لا القوم منا لا ولا أنا منهم ... إن لم أفقهم في العلا والسؤدد
إن عد قوم في التقى كانوا أئمة ... أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم
لا يستطيع جواد بُعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشرى والبأس محتدم