إن المراحل التي تمر بها الأمة تتطلب الاستعداد بجد، يجب أن تولى حياة اللعب واللهو والترف إلى غير رجعة، ويحل محلها الإيمان والقوة والجد والنشاط والتدريب والجهاد واليقين والتوكل والتوبة والطاعة، والإيمان بقضاء الله وقدره، والاستجابة لله رب العالمين، الإيمان بأن ما حصل ويحصل من حوادث وكوارث، إنما هو بعلم الله وقدرته وإرادته، فلنعد الأنفس بالإيمان الذي تستطيع به مواجهة الشدائد، ولنقل: توكلنا على الله، ولنلجأ إلى الله بشدة، ونواصل الدعاء لنضرع عليه أن يلطف بما تجري به المقادير، لو حققنا ذلك وأيقنا أنه لن تنطلق رصاصة واحدة إلا بإذن الله، فاعتصمنا بحبل الله واجتمعنا؛ لينصرنَّا الله وهو القوي العزيز.
ليس لنا يا مسلمون بغير حبل الله مستمسك، ولا بغير دينه مستعصم، ومن اتكل في أموره على غير الله وكله الله إلى ضعفه وعجزه.
لن يحصل نصرٌ إلا بتحكيم شرع الله، وبالإعداد والتربية، بفتح الباب للدعاة، بعودة عباد الليل وفرسان النهار كما كان ذلك في تاريخ الإسلام، لكن عباد الله مع هذه الظلمة كلها، فالفجر يخرج في خضم الظلام، هذه الأمة بحمد الله وكرمه أمة خير ونصر حتى لو سلط عليها أعداؤها، فإن البشائر والآمال معقودة بأبنائها، لكن أي أبناء؟! بأبنائها أولياء الله، عمار المساجد، حفاظ الكتاب، محبي الخير، هواة الموت في سبيل الله، الدعاة إلى الله الصادقين المخلصين، عباد الله في الليل، وأسود النهار، لا زال الأمل بعد الله في هؤلاء.
فلنعتصم بالله، ولنحفظ الله، ولنتعرف على الله، ولنتضرع إليه، فهو القائل كما في الأثر:{وما اعتصم عبد من عبادي بي، فكادته السماوات والأرض؛ إلا جعلت له منها فرجاً ومخرجاً} ولنرفع أيدينا في جوف الليل إلى الله، ليدٌ مخلصةٌ في جوف الليل ترفع إلى الله أشد على الأعداء من القنابل الذرية والجرثومية والغازات السامة {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:٤٠].
اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين سوءاً فأشغله بنفسه، اللهم دمره، اللهم مزقه، اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر، اللهم لا ترفع له راية، اللهم اجعله لمن خلفه آية، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، يا قهار! يا جبار! يا مالك الملك! يا من أنت على كل شيء قدير! أرنا في الظلمة يوماً تقر به أعين الموحدين، اللهم إنا نجعلك في نحور الظالمين، اللهم إنا نعوذ بك من شرور المعتدين، اللهم لا تعاملنا بما نحن أهله، وعاملنا بما أنت أهله يا أكرم الأكرمين!
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم قوي يقيننا وتوكلنا وصدقنا وإخلاصنا وثبتنا في زمن الفتن، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم آمنا في دورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم لهداك، اللهم اجعل عملهم في رضاك، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة التي تذكرهم إذا نسوك، وتعينهم على الحق يا أكرم الأكرمين!
اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفرطين ولا مفتونين.