كان الصحابة يتأثرون لمرأى مصعب -رضي الله عن مصعب - ورسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، وهو الذي يعزُّ عليه عنت أصحابه ومشقتهم، إذا رآه تأثر وربما دمعت عينه صلوات الله وسلامه عليه، كيف وقد صار صاحب الحلل لا يلبس إلا فرواً مرقعاً بجلد، وقد تطاير جلده وتشقق، وتغيرت هيئته، فسبحان من أيده وبصره، وقواه ونصره!
وكان صلى الله عليه وسلم مع ذلك لا يخشى عليهم الشدة والفقر، فيقول كما صح عنه في المتفق عليه:{والله ما الفقر أخشى عليكم! ولكن أخشى أن تبسط لكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم} ينبه صلوات الله وسلامه عليه إلى أن الاستقامة على الدين غالباً لا تكون مع حياة الترف والسرف، لأن هذا النوع من الحياة يورث القلوب قسوةً وجفاء، وقلَّ من يشكر عند الرخاء!