[وقفة مع الأقصى]
إن الواقع مرير، ويجب أن نعلم مرارته، لعلنا نرفع هذه المرارة، وإن الأمة ممزقة، وإن التكالب على المسلمين ورميهم عن قوس واحدة حاصل، وإن الغفلة عظيمة، وما أشبه ليلة القدس بـ أندلس البارحة:
أين اللواء وخيل الله يبعثها عمرو ويصرخ في آثارها عمر
هذا هو الأقصى يُهَوَّدُ جهرةً وببؤسه تتحدث الأخبار
هذا هو الأقصى يهود جهرة وجموعنا يا مسلمون نثار
أليس لكم قلب يفيء لربه أليس لكم عين أليس لكم فم
المال مقتسم والعرض منتهك والقَدْرُ محتقر والدم طوفان
لا راية لبني الإسلام ظاهرة إذا تداعى خنازير وصُلْبَان
أين الجيوش التي تزهو بقوتها؟ كأنها في نهار العَرْضِ بركان
أين الملايين من أموال أمتنا؟ فما لها في مجال الفعل برهان
هل عندكم نبأ مما يُعَدُّ لكم أم خدَّر القومَ لعَّابٌ وفنَّانُ؟
هل عندكم نبأ من أهل أندلس فقد سرى بحديث القوم رُكْبَان؟
واليوم مسرى نبي الله ضجَّ وقد غشاه مرٌ من التنكيل ألوان
ذل وضعف وتمثيل ومَلْحَمَة ما ذاقها في مدار الدهر إنسان
الخمر تُشْرب والأوتار صاخِبَة وللرياضة فينا القَدْرُ والشَّان
أَمَا لنا في كتاب الله من عظة فقد دعانا لنصر الحق قرآنُ
أَمَا لنا في طلوع الفجر من أملٍ أما تبدد عنا الشك والرَّانُ
يا أمتي مزقي الأغلال وانتفضي فالمجدُ لا يمتطيه اليومَ وَسْنَانُ
عودي إلى الله فالأبواب مُشْرَعةٌ وعزَّة الله للأوَّابِ عُنْوانُ
واستبشري فشعاع الفجر منتشرٌ وإن تجاهل نورَ الفجرِ عُمْيَانُ
وإن تراكم غَيْمُ الظلم واحتجبت شمسُ النَّهار فللإشراق إبَّانُ
أيها الأحبة: ألا نملك مثل هذه الطاقات التي كانت في صفوف القادسية من أبناء العشرين إلى الثمانين إلى المائة؟ بلى والله! إنَّا لنملك بعضًا منها، والقصور عن السلف أمر لابد منه، لكننا لا نحسن التعامل معها.
تهينها الأمة وتمتهنها وتقتلها ولا تنتفع بها وهي أحوج ما تكون إليها:
كالعِيسُ في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها مَحْمُول
والله الذي لا إله إلا هو لا نُنْصر ما دام هذا دَيْدَن الأمة مع طاقاتها.
إنه حين تُدمَّر النفوس، ويُهَان المخلصون، ويرفع المجرمون إلى مرتبة الأتقياء، ولا يُسمع الناصحون، والله! لا تنفع عندها لا دبابات، ولا طائرات، ولا أساطيل، لأنه أمر الله بالتدمير، ولا عاصم من أمر الله إلا من رحم:
من أين يرعى الله أمتنا التي ذل التقي بها وعز المُذْنب
من أين يأتيها السلام وقلبها خاوٍ وفيها الغاشِم المستكلب
ومع ذلك فوالله الذي لا إله إلا هو! إنَّا لمتفائلون كثيرًا، فلا يأس، ولا قنوط، ولا خشية من نصارى ولا مجوس ولا يهود، العهد من الله تعالى لنا بالنصر.
ديننا الحق، والكفر ذا دينهم كل دين سوى ديننا باطل
يا قدس مهما باعدوا بيننا ففي غدٍ جيش الهدى يزحف
لابد من يوم يزول الخَنَا عهد من الله لا يُخْلف
لابد من يومٍ لنطق الحجر وعْدٌ من الله لا يُكْذَب
ولو أن كل مسلم بصق بصقة فقذف اليهود بها لغرقوا، أو نفخ نفخة مؤمن حقاً لطاروا.
طريقنا واضح كالشمس تعرفه أجيالنا بابه عزم وإيمان
آمالنا لم تزل خضراء يانعة في القلب مُنْتَجَع منها وبستان
وللباطل مهما اشتط وطغى ساعة، وللحق وأهله زمان آخر لا ينتهي إلى قيام الساعة.
شريعة الله رغم الكفر خالدة والزيف يفنى ويفنى من له عبد
ولينا الله لا نرضى به بدلاً وكيف ييئس من مولاه رحمان