صدقوا ما عاهدوا: وكيف لا يصدقون وقد عاصروا نزول الوحيين، وتلقوا التربية من القدوة المطلقة -صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عنهم أجمعين- يوم بعثه الله بـ مكة، فأخرج العباد من الظلمات إلى النور بإذن ربه، يوم أخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام؟!
رأوه وهو يقف على الصفا وحيداً فريداً قد اجتمعوا حوله وهو يقول:{إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد}{قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا} فأعرضوا وأصروا واستكبروا استكباراً، وقال عمه: تبّاً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فتبت يداه، ثم تبت يداه.
لم يتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ييئس، وما كان له ذلك؛ لأنه يعلم أنه على الحق، ويستمر عشر سنين يتبع الناس في منازلهم، في عكاظ ومجنة في المواسم، يقول: من يؤويني؟ من ينصرني حتى أبلَّغ رسالة ربي وله الجنة؟
فلا يؤويه ولا ينصره أحد، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر، فيأتيه قومه، فيحذرونه غلام قريش لا يفتنه.
حرب إعلامية ضخمة في الصد عن سبيل الله تمارس ضد الدعوة إلى الله في كل زمان ومكان:
والسرُّ باقٍ والزمانُ مجددٌ والسيفُ ما فَقَدَ المضِاءَ وما نَبَا