وذاك غادٍ يغدو لإهلاك نفسه، فيُسلط لسانه وسنانه، ويسلط قلمه في النيل من المسلمين؛ بالسخرية بهم، والاستهزاء بدين الله، وبعباد الله، وبشعائر الله؛ ليرتكب أعظم جريمة ألا وهي الدعوة إلى الظلام، فيكون عليه وزره ووزر من أضله إلى يوم القيامة، وفوق ذلك يبوء بالكفر الذي يقوده إلى النار.
في غزوة تبوك، يوم اتجه المسلمون مع قائدهم صلى الله عليه وسلم إلى تبوك من المدينة حوالي ألف كيلو متر في صحارٍ في وقتٍ حار، وبلغ بهم الجهد مبلغه، حتى إن أحدهم في ليلة من الليالي قام يبول فسمع صوت جلد تحت بوله، فما كان إلا أن نفضه من البول ثم أشعل النار ووضعه فيها وأكله من شدة ما يلاقي من الجوع، وتأتي ثلة منهم ليسخروا برسول الله وبأصحابه فيقولون: ما رأينا كقرائنا هؤلاء! أرغب بطوناً، ولا أجبن عند اللقاء، يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويأتي الكلام من الله عز وجل إلى رسوله، ويسري الخبر بينهم، فيلحقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويقولون:{إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}[التوبة:٦٥]، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم بكلام الله:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٥ - ٦٦].
يغدو أحدهم فيكتب كلاماً يسب فيه الإله سبحانه وتعالى، يقول:
لم يبق من كتب السماء كتاب مات الإله وعاشت الأنصاب
جلَّ الله سبحانه وتعالى، ثم يستهزئ ويسخر ويظن أنه لن يقف بين يدي الله جلَّ وعلا، لكن:
إذا عيَّر الطائي بالبخل مادر وعير قساً بالفهاهة باقل
وقال السها للشمس أنت كليلة وقال الدجى للصبح وجهك حائل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدي إن دهرك هازل