[صورة لشابين: ناجح وخاسر]
ألا أيها الأبناء: اتقوا الله وقوموا بما أوجب عليكم من بر الآباء والأمهات، ويا أيها الآباء: أعينوا أولادكم على بركم فإن من ضيع أوامر الله في أولاده فلم يأمرهم ولم ينههم وضيعهم صغاراً فالنتيجة ضياعه كبيراً، والشواهد قائمة من الواقع، ها نحن قد ودعنا الامتحان قبل أيام ونحن دائماً في امتحان، والناجح من زحزح عن النار وأدخل الجنة، ولقد -والله- رسب أناس ونجح آخرون، يوم ضيع الآباء أبناءهم كانت النتيجة ضياع الآباء، فهم في حال ما يكونون فيه أحوج إلى الأولاد، والعكس بالعكس ومن زرع حصد، سترون نموذجين لشابين، شاب ربي في بيت تجلجل فيه لا إله إلا الله، وشاب ربي في بيت تجلجل فيه الأغاني الماجنات.
أما الأول: فأفنى شبابه في طاعة الله، وحلت به سكرات الموت، وقد بر أباه وأمه، وعند موته جاء أحباؤه يذكرونه بالله ويلقنونه: لا إله إلا الله، فكان وهو في سكرات الموت يقول للناس: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا.
لتعلموا أن هذا هو النجاح، لتعلموا أن هذا هو الفوز الحقيقي، وسيجد الفوز هناك يوم يقال: سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً.
أما الصورة المظلمة فلشاب آخر في المقابل، ذهب لبلاد الكفر والعهر، كما يفعل شبابنا عند انتهاء امتحاناتهم، ذهب ليموت مع السكارى في أحضان البغايا، كان هذا الشاب يسافر دائماً وينصح فلا ينتصح، وفي آخر سفر له بعد أن وصل إلى تلك البلاد ضرب موعداً له مع زانية في أحد الفنادق وتقابلا هناك، وهو يمارس معها الفاحشة يشب حريق في الفندق فيشتعل على من فيه ويموت جميع من فيه، لا إله إلا الله! نسألك اللهم حسن الختام.
هاتان صورتان لشابين أحدهما ناجح والآخر راسب، وللآباء -والله- في ذلك دور، بعض الآباء يعد ابنه إن نجح بقضاء أمتع الأوقات في أحضان العارية، وما دعاه ووعده بالحج إلى بيت الله الحرام، وما وعده باستغلال وقته في جمعيات تحفيظ القرآن المنتشرة في المساجد، والتي تشكو إلى الله ظلم الآباء، وما وعده بدخول المراكز الصيفية التي يقوم عليها الشباب الذين نحسبهم من الذين يخافون الله عزَّ وجلَّ، علمه ضياع الوقت، فكانت النتيجة رسوباً له ولولده.
يا أيها المسلمون: نحن في اختبار دائماً، والله يختبرنا في بر الوالدين منا من نجح ومنا من رسب، فيا من نجح! استمر في النجاح وسل الله الثبات، ويا من رسب! أعد حساباتك مع والديك لتفوز بدعوتهما ورضاهما، لا يخرجن أحدكم من هذا المسجد إلا وقد عاهد الله أن يذهب ليقبل رأس أبويه ويستسمحهما فإن لم يكونا موجودين فليدعو لهما، وليتصدق عليهما وليصل صديقهما فذلك من برهما.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا برهم وصلتهم ورضاهم وأن يحشرنا وإياهم في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
ألا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد فقد أمرتم بالصلاة عليه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم اغفر لنا في هذه الساعة أجمعين، وهب المسيئين منا للمحسنين، اللهم اغفر للأحياء والميتين من المسلمين، اللهم اجعل على قبورهم نوراً واجعلها روضة من رياض الجنة، اللهم آمنا يوم الفزع الأكبر، اللهم آمنا يوم البعث والنشور، اللهم آنس وحشتنا في القبور.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.