ها هي سارة زوج الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، اعتصمت بالله عز وجل، والْتجأت إلى الله عز وجل، وحفظت الله في الرخاء فحفظها الله عز وجل في الشدة، أُخذت من بيتها بالقوة من قِبَل زبانية طاغية مصر آنذاك، وقام إليها يريد فعل الفاحشة بها.
امرأة ضعيفة لكنها عزيزة قوية يوم تستمسك بحبل العزيز القوي سبحانه وبحمده.
قامت وتوضأت وقامت لتصلي، واتصلت بربها -سبحانه وبحمده- مباشرة، لا وسائط بين أحدٍ وبين الله سبحانه وتعالى قائلة:"اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي؛ فلا تسلط عليَّ هذا الكافر، اللهم اكفنيه بما شئت"، فجَمُد الكافر هذا مكانه لا يستطيع أن يتحرك منه شيء، يوم لجأت إلى الله وقد حفظته في وقت الرخاء، فحفظها الله عز وجل في وقت الشدة، جمُدَ في مكانه ولم يتحرك ولم يتزحزح، ثم يُطلق بعد ذلك، فيمدُّ يدَه مرة أخرى على زوج الخليل، فتتجمد أعضاؤه مرة أخرى، ويبقى على ما كان عليه في المرة الأولى، ثم يمد الثالثة، ثم يمد الرابعة، ثم في الأخيرة يقول لهم: ما جئتموني إلا بشيطان، أرجعوها إلى إبراهيم، وأخدموها هاجر.
لم ترجع سليمة محفوظة بحفظ الله فقط؛ بل رجعت ومعها مملوكة لها وهي هاجر عليها رضوان الله، رجعت إلى إبراهيم عليه السلام وهي محفوظة بحفظ الله؛ لأن الله عز وجل قد قال:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه}[الطلاق:٢ - ٣] وقد قال رسوله صلى الله عليه وسلم: {احفظ الله يحفظك}.
فالعز في كنف العزيز ومن عبد العبيد أذلَّه الله
فهلاَّ ائتسيتنَّ بها أيتها المسلمات! هلَّا لجأتُنَّ إلى الله وتركتنَّ ما يُبعدكنَّ عن الله، وعكفتُنَّ على كتاب الله وسنة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فتعلمتُنَّ كتاب الله وعلمتنه وبلغتنه فكنتنَّ فيمن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:{خيركم من تعلم القرآن وعلمه}.