إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن انت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح انت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة، قال بعض الزهاد ما علمت أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان فقال له رجل إني أكثر البكاء فقال إنك وإن تضحك وأنت مقر بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك وأن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه فقال أوصني فقال: دع الدنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها، وكن في الدنيا كالنحلة إن أكلت أكلت طيبا وإن أطعمت أطعمت طيبا وإن سقطت على شيء لم تكسره ولم تخدشه.
وخذها أخرى من ابن القيم رحمه الله يوم يقول:
أنفع الناس لك رجل مكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرا أو تصنع إليه معروفا فإنه نعم العون لك على منفعتك وكمالك فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر.
وأضر الناس عليك من مكن نفسه منك حتى تعصي الله فيه فإنه عون لك على مضرتك ونقصك.
[الخاتمة]
هذا مجمل ما أردت قوله وأرجو الله ألا أكون ممن تخدعه الشمس بطول ظله أو تغره النفس بكثره وقله، إن هي إلا إشارات من إشارات بعضها متمنى فات وبعضها لا يزال في بطون المؤلفات لم آت فيها على آخر الإرادة ولا أزعم أني أوفيت على الغاية في الإفادة.
قد قلت بمقدار ما اجتهدت وما شهدت إلا بما علمت ومن جعل أنفه في قفاه فالسوأة ان يفتح فاه.
علىأنني كنت قد عجزت ووعدت بالكلام أكثر فيما أنجزت لكن لا ضير أن أصف النجم في سراه وإن لم أستقر في ذراه.
إن هي إلا لبنة على الطريق وأرجوا أن تكون بقدر الياقوت والعقيق وما أراني بعد قد شفيت غلة النفس فإنها تنظر إلى كثير وكثير.