ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز إلى الله ورسوله ولو كنت وحدك فإن الله معك وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك، وإنما امتحن يقينك وصبرك. وأعظم الأعوان على هذا بعد عون الله التجرد من الطمع والفزع، فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز لله ورسوله، وكنت دائما في الجانب الذي فيه الله ورسوله، ومتى قام الطمع والفزع فلا تطمع في هذا الأمر ولا تحث نفسك به، فإن قلت: فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع والفزع؟
قلت: بالتوحيد والتوكل والثقة بالله وعلمك بأنه لا ياتي بالحسنات إلا هو، وأن الأمر كله لله ليس لأحد مع الله شيء.
(مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(هود:٥٦). ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف.