نريد باختصار حمل هَمِّ الدعوة من كل واحد منا، أينما حلَّ وأينما رحل، كلٌّ وفق تخصصه، وينفق مما لديه:{لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ مَا أتَاهَا}[الطلاق:٧] إنْ كان عنده علم دعا به، مالٌ دعا به، ولا مبرر للقعود أبداً؛ فالمسئولية على الجميع مشتركة وتتفاوت؛ فمسئولية العالم أكبر من مسئولية الجاهل، ومسئولية صاحب السلطة أكبر من مسئولية من لا سلطة له، ومسئولية صاحب المال أكبر من مسئولية من لا مال له، وإن كان الكل مسئولاً.
كل مسلم رجل يعمل لدينه، والأمة كلها مسئولة عن فرائض الله، وأحكام الله، وشرائع الله.
ذُكر أن أحد المستمعين قال لأحد الدُعاة يوماً، بعد محاضرة ألقاها ذاك الداعية: قد مضى لكم ثلاثون سنة وأنتم تتكلمون، فماذا صنعتم؟
وكان جواب الداعية مفاجئاً له حين قال: وأنتم مضى لكم ثلاثون سنة صامتون تستمعون، فماذا صنعتم؟!
هذا حق.
على المستمع كما على المتكلم مسئولية تحويل الكلام إلى عمل، والأفكار إلى وقائع، وإن اختلفت درجة المسئولية.
المسلم مطالب بالعمل إلى آخر رمق، حتى لو قامت الساعة وفي يده فسيلة فليغرسها إن أمكنه.
ولْنَترُك الَّلومَ لا نَجعلْهُ عُدَّتَنَا وَلْنَجعَل الفِعلَ بَعدَ اليَوم مِيزَانَا
نريد أن نكون كتلة كالمطر، لا يُدرَي أوله خير أم آخره؟ كتلة فيها الكفاية في كل ناحية، كتلة هي في غِنى عن العالم، وليس العالم في غِنى عنها، تملأ كل ثغر، وتسد كل عِوَز وعجز؛ فإنه -والله- لا عمل أبقى وأنفع للمسلم من عمل يقضيه في الدعوة إلى الله؛ بياناً باللسان، وجهاداً باليد، ونفقة من العلم والمال والوقت، وكل مسلم على ثغرة من ثغور الإسلام، وعليه أن يسدها أياً كان تخصصه ومستواه وموقعه؛ إن كان في الحراسة ففي الحراسة، وإن كان في الساقة ففي الساقة، همه أداء الواجب، والمشاركة، والقيام بالمسئولية وفق ما لديه من استطاعة:{لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦].