[الدعاة إلى الله معرضون للتهم]
ومن دروس هذه الحادثة: أن المنتمين لهذا الدين بإخلاص وصدق معرضون للاتهام، ولإشاعة الشائعات، وإلصاق التهم بهم.
سمعتم كيف اتهم صلى الله عليه وسلم في عرضه، وهذا أمر معرض له كل من ترسم خطاه، ومضى على منهجه صلى الله عليه وسلم.
تجد كل تهمة تلصق بأهل هذا الدين، وبعلماء هذا الدين، وبدعاة هذا الدين، تشاع عنهم الشائعات، وتلصق بعلماء الأمة وشبابها الملتزم، وبكل صالح في الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات:٥٣]، وصف الدعاة بالرجعية والتأخر، وصفوا بعدم مسايرة العصر، وصفوا بالسذاجة والبساطة؛ لكن هذه الألفاظ لم تجدِ، فبدءوا الآن برمي الدعاة بالشذوذ الخلقي لتحطيم وتضليل قدوة الأمة في نظر أبنائها، وهذه كلمات وأفعال -والله- ما جاءتنا إلا من اليهودية الحاقدة، صدرتها إلى بلاد الإسلام، فأخذها الذين أخذ الله سمعهم وأبصارهم وختم على قلوبهم وزادوا عليها، وزعوها في مجالس الناس، صار الصالحون في أوساط الناس مصدر شبهة وأهل ريبة، وبالتالي سيفقد علماء الإسلام ثقة الناس فيهم، فيضل الناس وعند ذاك يعمنا الله بعقاب من عنده وذاك مطلبهم: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة:٣٠].
يأتي كل من في قلبه زغل ونفاق يتشفى بالصالحين وبالدعاة المخلصين ويقول: الشاذون، كانوا يقولون المتشددين والآن أصبحوا يقولون: الشاذين، ونسأل أصحاب هذه الكلمات ما الشذوذ في نظرهم؟
هل هو التمسك بحبل الله يوم أن انقطعت حبال الذين من دونه؟
هل الشذوذ هو الحرص على تطبيق السنة بالمسلك والآداب والتعامل يوم ضاعت تعاليم السنة بأشخاص كثير من الناس؟
هل الشذوذ في إحياء القلوب بكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن أصبحت مجالس الناس لنشر الشائعات، وللسذاجة واللهو واللعب؟
هل الشذوذ أن يتروض الشباب في بساتين آيات الله يوم تروض غيره في مزابل الأغاني وفي مزابل البغايا والعاهرات؟
هل الشذوذ أن تدرس كتب السلف الصالح يوم شغل الكثير عن المصحف بالمجلة الخليعة، وعن المسجد بالمقهى، وعن السواك بالسيجارة، وعن زيارة بيت الله الحرام بزيارة بلاد الكفار كـ بانكوك وأمثالها وما أدراكم ما تلك البلاد؟
لا إله إلا الله! سبحانك هذا بهتان عظيم! الشذوذ والانحراف في البعد عن منهج الله، في الانسلاخ عن الإسلام والقيم والآداب والأخلاق، الشذوذ والانحراف في البعد عن كتاب الله الذي أنزله الله عزَّ وجلَّ، وما خرجت -والله- مثل هذه التهم إلا يوم أن ابتعدنا عن الإسلام، يوم أن تركنا الأمر والنهي أصبح البعض يمشي خجلاً أنه مطبق للسنة، فتجرأ الرعديد، وتجرأ الملحد، وتجرأ المنافق ليطلق الشائعات عن أنصار الدين وعلمائه، عن حاملين راية محمد صلي الله عليه وسلم ولكن نقول:
إذا عير الطائي بالبخل مادر وعير قساً بالفهامة باقل
وقال السهى للشمس أنت خفية وقال الدجى للبدر وجهك حائل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة ويا نفس جدي إن دهرك هازل