تأمل في هذه الأرض: بينما هي هادئة ساكنة وادعة؛ مهاد وفراش، قرار وذلول، خاشعة، إذا بها تهتز، تتحرك، تثور، تتفجر، تدمّر، تبتلع، تتصدع، زلازل، خَسْف، براكين، تجدها آية من آيات الله، وكم لله من آية يخوف الله بها عباده لعلَّهم يرجعون! وهي مع ذلك جزاء لمن حقَّ عليه القول، وهي -أيضاً- تذكير بأهوال الفزع الأكبر، يوم يُبعثون ويُحشرون، وعندها لا ينفع مال ولا بنون.
يذكر صاحب: علوم الأرض القرآنية أنه قبل حوالي خمسة قرون ضرب زلزال شمال الصين عشر ثوان فقط، هلك بسببه أربعمائة ألف وثلاثون ألف شخص، وقبل ثلاثة قرون ضرب زلزال مدينة لشبونة في البرتغال لعدة ثوان، هلك فيه ستمائة ألف، وشعر الناس برعب وهَلَع وجزع إثر ارتجاج الأرض تحت أقدامهم على مساحة ملايين الأميال، فنعوذ بالله أن نُغْتَال من تحتنا.
وانفجرت جزيرة كاراكات في المحيط الهندي قبل قرن، فسُمِع الانفجار إلى مسافة خمسة آلاف كيلو متر، وسجلته آلات الرصد في العالم، وتحولت معه في ثوان جزيرة حجمها عشرون كيلو متراً مربعاً إلى قطع نثرها الانفجار على مساحة مليون كيلو متر مربع، وارتفعت أعمدة الدخان والرَّماد إلى خمسة وثلاثين كيلو متر في الفضاء، وأظلمت السماء على مساحة مئات الكيلو مترات حاجبة نور الشمس لمدة سنتين، وارتفعت أمواج البحر إلى علوّ ثلاثين متراً، فأغرقت ستة وثلاثين ألف نسمة من سكان جاوا وسمطرا {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُو}[المدثر:٣١] {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) [الأنعام:٦٥].