[التميز والمفاصلة عند الجيل الحاضر]
معشر الإخوة! ولما حاد هذا الجيل عن تلك المفاصلة والعزلة، والتميز والترفع على مبادئ ومظاهر الجاهلية، تلوث وتأثر بقدر حيدته عن ذلك النهج، فمستقل ومستكثر، فلو نظرت إلى مدن الجيل وقراه من مرقب عال، وسَبَرت حاله في مجمله؛ لم تميز بينه وبين مجتمع المغضوب عليهم والضالين إلا في بعض المظاهر والشعارات والآثار واللوحات لهث وراء المادة في غير اقتصاد اكتساب من غير احتساب سهر في غير طاعة عمل بغير نية تجارة في لهو عن ذكر الله ولاء لعدو الله حرفة في جهل بدين الله وظيفة في الإخلاص لغير الله أحكام في مشاقة الله شغلٌ في ضلالة قعود في بطالة حياة في غفلة وجهالة وشتات وفرقة.
أمة لمن تتميز.
فهي والأحداث تستهدفها تعشق اللهو وتهوى الطربا
أمة قد فت في ساعدها بغضُها الأهلَ وحبُّ الغُرَبا
...
أمتي من بعد طول الـ ـنوم صارت غفلويه
صدَّقت كل خِداعٍ من غوي وغوية
واستكانت لخداع الذْ ئب من غير رويه
نزلت من حصنها العا لي إلى أرض دنيه
لترى ما لدى النا صح من دنيا هنيه
ثم جاء الذئب فانقـ ضَ بأنياب قوية
كيف ينقض عليها؟ كيف يرميها ضحيه؟
وكتاب الله يهديـ ـها ألا هيا إِلَيَّه
كيف تمسي بخبيث الـ ـمكر لقمات هنيه
فرأى تقسيم أوصا لٍ لها في الجاهليه
ورمى أقوامها الكُثْـ ـر بداء الفوضويه
وبأفكار زُيوفٍ محدثات زخرفيه
بقي الحصن ولا حرْ اس يحمون الرعيه
ضحك الباغي عليها بأخاديع ذكيه
فاستجابت بغباء عمل الشاة الضحيه
ساقها الجزار للذ بح إلى أرض قصيه
وقف الباغي ينادي الـ ـقوم هل ثم بقيه؟
سوف لا أترككم إلْا شقياً أو شقيه
هذه روح القضية هل سنصحوا للبليه؟
بِمَ نصحو؟
بكتاب الله والسنْـ ـنَة والأيدي القويه
بولاءٍ وبراءٍ ومبادٍ عقديه
وجيوش تهزم البا غي وتسقيه المنيه
وعلى هذا! فلن تستقيم قيم الإسلام إلا بتميز ومفاصلة وبراءة، واستعلاء على القيم المنحرفة واعتزال لها، وعدم تعديل قيمنا وتصوراتنا لتلتقي معها على أي حال كان، وما يلقاها إلا الصابرون
إنه الوقوف والصمود بوجه المجتمع المخالف، والمنطق السائد، والأفكار والتصورات، والانحرافات والنزوات، والواقف قد يشعر بالوهن ما لم يأوِ إلى ربه ومولاه
واللهُ لن يترك المؤمن وحيداً حين يعلم صدقه يواجه الضغط، وينوء بالثقل، ويهزه الوهن: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:١١].
إن أعداء الله ومبادئهم كذوات السموم؛ نحن معها على افتراق وبراء وعداء حتى يدخلوا في ديننا.
هل لمحتم طيبة من حيةٍ؟! أو لمستم رقة من عقربِ؟!
إنَّا حين نسايرها ولو خطوة واحدة فإنا نفقد الطريق إلى العلياء، ونتيه في بيداء السماوة أذلاء، وحين نتميز ونفاصل ولا نلتقي إلا على نبع الوحي الصافي نكون بحق أجلاء الرفعة والعلاء، وأهل العطاء والسمو للسماء.
وشتان ما بين السماوة والسما!