الثالثة: العلم الشرعي والعمل به ضرورة للمسافر، به يعرف السهل من الطريق والوعر، به يميز إشارات الطريق وعوائقه، به يعرف الله ويعبد ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد، به يعرف الحلال من الحرام، به توصل الأرحام؛ فهو أساس السفر ولابد، بل هو أشرف مطلوب، وأفضل مرغوب، وأنفع زاد يقتنى لمسافر مكدود:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذِينَ يَعْلَمُونَ وَالذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩] كلا!
لا يكونُ العَليُّ مثل الدَّنيِّ لا ولا ذو الذكاءِ مثل الغَبِيِّ
من تدرع بالعلم حفظ ومنع، وحاز قصب السبق، وارتفع وبرع، ولما كان المجاهد لا يَنْكأُ عدوًا إلا بسلاح وعُدة، فكذلك المعلم والمتعلم والعالم لا يصنع أمة، ولا يكشف غمة، ولا يزيل ظلمة إلا بعلم وعمل، من أثر أو سنة، لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة.
ومن لا يربيه الرسول ويسقه لبانا له قد در من ثدي وحيه
فذاك لقيط ما له أي نسبة ولا يتعدى طور أبناء جنسه
العلم وسيلة، والعمل ثمرة، العلم أساس البناء، والعمل ثمرة الغراس، والبناء من غير أسس لا يبنى، والثمر من غير غرس لا يجنى، فاعلم أخي ولا تنس:
فلا تنفع الخيل الكرام ولا القنا إذا لم يكن فوق الكرام كرام