[أهمية استشعار عظمة الله في حياة المسلم]
الحمد لله الواحد الأحد الكريم الوهاب، الرحيم التواب، غافر الذنب وقابل التَّوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو، يحب التوابين ويحب المتطهرين، ويغفر للمخطئين المستغفرين، ويقيل عثرات العاثرين، ويمحو بحلمه إساءة المذنبين، ويقبل اعتذار المعتذرين، لا إله إلا هو إله الأولين والآخرين، وديَّان يوم الدين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، يوم لا ينفع مال ولا بنون.
اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يُرجع الأمر كله.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين ورازقهم: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:٦] يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، ويعلم ما تفعلون.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين؛ فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأسأل الله الكريم، رب العرش العظيم أن يجمعنا وإياكم في هذه الحياة على الإيمان والذكر والقرآن، وأن يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله، ثم يجمعنا بكم سرمدية أبدية في جنات ونهر بحبكم فيه.
واسأله أن يظلنا وإياكم تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، اللهم لا تعذب جمعاً التقى فيك ولك، اللهم لا تعذب ألسنة تخبر عنك، اللهم لا تعذب قلوباً تشتاق إلى لقاك، اللهم لا تعذب أعيناً ترجو لذة النظر إلى وجهك، يا أرحم الراحمين! ويا أكرم الأكرمين! اللهم كلنا ذوو خطأ، وما لنا إلا عفوك وحسن الظن بك، وحب من تحب، فأقل عثراتنا، وتجاوز عن أخطائنا، وأنت أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين.
يظن الناس بي خيراً وإني لشر الناس إن لم تعف عني
ومالي حيلة إلا رجائي وعفوك إن عفوت وحسن ظني
والله لو علموا قبيح سريرتي لأبى السلام عليَّ من يلقاني
ولأعرضوا عني وملُّوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهوان
لكن سترت معايبي ومثالبي وحلمت عن سقطي وعن طغياني
فلك المحامد والمدائح كلها بخواطري وجوارحي ولساني
اللهم اجعلني خيراً مما يظن الظانُّون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤآخذني بما يقولون.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن سهلاً إذا شئت.
أحبتي في الله: أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية؛ فهي وصية الله للأولين والآخرين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:١٣١].
راقبوا الله جل وعلا فما راقبه عبد وزل وأخطأ إلا آب وعاد وحاله: رحماك يا رب رحماك
رب يا رب ويا رب الورى ما ترى في عبد سوء ما ترى
خلق الله السماوات سبعاً، وخلق الأرضين سبعاً، وفي مجموع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحاح: أن ما بين الأرض وما بين السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، وسمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، ومن فوق السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام، ومن فوق ذلك عرش الرحمن، ومن فوقه ربنا سبحانه وبحمده بائن من خلقه، مستو على عرشه {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:٧] متى ما علمت هذا واستشعرته فأنت من المتقين.
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب