[توجيهات تعين الداعية على التميز]
ومن كمال التميز -يا قاصد البحر- أن تضع في حسابك أموراً وأنت تخالط الناس وتشاهدهم، وتأكل وتشرب معهم، وتزور وتزار: أن تحرص على أن تظهر بمظهر الدقة والنظام والحفاظ على حقوق الآخرين.
أنت قدوة ينظر إليه: أكثر من الاغتسال أيام الحر.
لا تكثر من التنخم والتمخط بصوت عال.
لا تظهر التجشؤ كما يفعل البعض.
لا تأكل ثوماً، ولا تصنع لضيفك طعاماً فيه ثوم؛ فإن ذلك من التميز، ولا تتكلف كثيراً لضيفك لئلا تحرجه، وإن كنت ضيفاً على أحد فكل أكلك المعتاد؛ لأن صاحب المائدة الكريم يحب أن يأكل الضيف ويكثر في الزيارة.
لا تزر وقت قيلولة أو راحة أو منتصف ليل، واستأذن قبلها بالهاتف إن أمكن، واطرق الباب برفق ثلاثاً وإلا فارجع هو أزكى لك، وقف إلى جانب الباب لا أمامه إذ ربما تفتح امرأة.
ثم لا تطل وقت الزيارة فالوقت أنفاس لا تعود.
لا تصافح أخاك بيد مرتخية ولا بأخرى حديدية، وكن وسطاً؛ لا تناد أخاك بمزمار السيارة كما يفعل الطائشون.
في الهاتف: لا تطل الكلام ولا ترفع صوتك، واذكر اسمك لمن تكلمه مباشرة.
إن خدمك خادم أو عمل لك عامل فأجزل له الأجرة ولا تماطله.
في الكلام: لا تسابق وأنصت حتى يبرأ مخاطبك.
في التعزية: لا تبادر إلى تعزية مسافر فلعله لا يعلم ما حدث.
واحذر ثم احذر مما يوجب الخجل.
وإياك وما يعتذر منه ويسلب المروءة؛ فإن الشافعي قد طبق هذا المعنى فقال: والله! لو علمت أن الماء البارد يسلب مروءتي ما شربته إلا حاراً.
تميز عام حتى في اللعب، حتى في الرائحة، في كل الأمور؛ فإن العِرْف يُعرف بغصنه والقول يعرف بلحنه، والصبح لا يتمارى بإسفاره، ولا يفتقر إلى دليل على إشراق أنواره:
وما كل من قال القريض بشاعر وما كل من عاش الهوى بمتيم
فاقصد البحر تميَّز وخل القنوات!