ولا بد للمسافر من رفقة وصحبة، فالراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب - كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم -.
والمسافر مهما تكن مواهبه، ومهما يكن عطائه ومهما تكن قدراته، فإنه يبقى محدود الطاقة والقدرة ما لم يكن له أعوان يشدون أزره، ويقوون أمره، يذكرونه حين ينسى، يعلمونه حين يجهل، فالمرء قليل بنفسه، كثير بإخوانه، ضعيف بنفسه، قوي بأخوانه.
وما المرء إلا باخوانه ... كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم
موسى - صلوات الله وسلامه عليه - وهو الملقب بالقوي الأمين في كتاب الله، يوم كلفه الله بالرسالة احتاج إلى المعين والوزير فقال - كما أخبر اله في كتابه-:
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) (طه:٢٩ - ٣٥)
ماذا قال الله؟ قال:) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) (طه:٣٦)
وفي القصص يقول الله: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ).
فالصاحب ضرورة ولا بد، لكن له صفات تحدده وتميزه، لعلنا نقف عندها باختصار، منها:
*أن يكون مؤمنا:
((فلا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي)) كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولا يكفي أن يكون مؤمنا، فلا بد:
*أن يكون عاقلا:
لأن الأحمق قد يثور عليك فيغضب فيجني عليك وعلى نفسه ويقعد بك عن الهدف المرسوم الذي رسمته لنفسك، وصدق ونصح من قال:
أحذر الأحمق أن تصحبه ... إنما الأحمق كالثوب الخلق
كلما رقعته من جانب ... زعزنه الريح يوما فانخرق
أو كصدع في زجاج فاحش ... هل ترى صدع زجاج يرتتق ... كلا
*أن يكون عدلا غير فاسق: