أفلا فليحمد الله من ضيع وقصر على إمهاله له وليعوض، فأيام العافية غنيمة باردة، وأوقات الإهمال فائدة، فتناول وعوض ما دامت عندك المائدة، فليست الساعات بعائدة.
فإن تك بالأمس اقترفت اساءة ... فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبقي فعل الصالحات إلى غد ... لعل غدا يأتي وأنت فقيد
غاب أنس بن النضر رضي الله عنه وقعة بدر فأحس بألم غنيمة ضيعها، فقال -كماروى البخاري ومسلم-: يارسول الله غبت عن أول قتال قاتلت فيه المشركين، لأن أشهدني الله مشهدا ً آخر في قتال المشركين، ليرين الله مني ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون أقبل أنس يعتذر إلى الله مما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبرأ إلى الله مما صنع المشركون، يتقدم ويكسر غمد سيفه ويستقبله سعد بن معاذ فيقول: الجنة ورب النضر إني لأجد ريحها من دون أحد، يقول سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع، ولما انتهت المعركة وجدوه قد قتل، ومثل به المشركون، ووجد به بعض وثمانون ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية بسهم فما عرفته إلا أخته ببنانه.
إما فتى نال المنى فاشتفى ... أو بطل ذاق الردى فاستراح
إما إلى العز وتقضي بساحته ... ذل الحياة وطعم الموت سيان