لا تيأسوا إن تستردّوا عزكم ... فلرب مغلوب هوى ثم ارتقى
وتجشموا للعز كل عظيمة ... إني رأيت العز صعب المرتقى
إن قراءة متأنية لتاريخ الصلبيين وبيت المقدس تعطي الأمل بان الواقع سوف يتغير فاسمع إلى ابن كثير (في البداية والنهاية) وغيره من أهل السير وهم يسردون لك هذا الحدث: (وفي ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة اثنين وتسعين وأربعمائة للهجرة دخل ألف ألف مقاتل بيت المقدس وصنعوا فيه ما لا تصنعه وحوش الغاب وارتكبوا ما لاترتكب أكثر منه الشياطين لبثوا فيه أسبوعا يقتلون المسلمين حتى بلغ عدد القتلى أكثر من ستين ألفا منهم الأئمة والعلماء والمتعبدون والمجاورون وكانوا يجبرون المسلمين على إلقاء أنفسهم من أعالي البيوت لأنهم يشعلون النار عليهم وهم فيها فلا يجدون مخرجا إلا بإلقاء أنفسهم من السطوح جاسوا فيها خلال الديار وتبروا ما علوا تتبيرا، وأخذوا أطنان الذهب والفضة والدنانير ثم وضعت الصلبان على بيت المقدس وأدخلت فيه الخنازير ونودي من على مآذن لطالما أذن بالتوحيد من عليها: أن الله ثالث ثلاثة- جل اله وتبارك- فذهب الناس على وجوههم مستغيثين إلى العراق وتباكى المسلمون في كل مكان لهذا الحدث وظن اليائسون ألا عودة لبيت المقدس أبداً إلى حظيرة المسلمين.
كم طوى اليأس نفوسا لو رأت ... منبتا خصبا لكانت جوهرا
ويمضي الزمن ويعد الرجال وفي سنة ثلاثة وثمانين وخمسمائة للهجرة أعد صلاح الدين جيشا لإسترداد بيت المقدس وتأديب الصلبيين على مبداهم هم: إن القوي بكل أرض يتقي وفي وقت الإعداد تأتيه رسالة على لسان المسجد الأقصى تقول:
يا أيها الملك اذي ... لمعالم الصلبان نكس
جاءت إليك ظلامة تسعى ... من البيت المقدس
كل المساجد طهرت وأنا ... على شرفي أنجس
فانتخى وصاح وا إسلاماه وامتنع عن الضحك وسارع في الإعداد ولم يقارف بعدها ما يوجب الغسل.