لِعَهْدِ الْأَمَانِ وَهَذَا مُؤْمِنٌ قَالَ فَيَدُلُّ عَلَى هَذَا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ؟ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلَى قَوْلِهِ {أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} فَجَعَلَ لَهُمْ عَهْدًا إلَى مُدَّةٍ وَلَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ بِجِزْيَةٍ كَانُوا أُمَنَاءَ بِعَهْدٍ وَوَصَفَهُمْ بِاسْمِ الْعَهْدِ «وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ فَعَهْدُهُ إلَى مُدَّتِهِ» قَالَ مَا كُنَّا نَذْهَبُ إلَّا أَنَّ الْعَهْدَ عَهْدُ الْأَبَدِ قُلْنَا فَقَدْ أَوْجَدْنَاك الْعَهْدَ إلَى مُدَّةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ اللَّهُ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}
فَجَعَلَ لَهُ الْعَهْدَ إلَى سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ وَبُلُوغِ مَأْمَنِهِ وَالْعَهْدُ الَّذِي وَصَفْت عَلَى الْأَبَدِ إنَّمَا هُوَ إلَى مُدَّةٍ إلَى الْمُعَاهِدِ نَفْسِهِ مَا اسْتَقَامَ بِهَا كَانَتْ لَهُ فَإِذَا نَزَعَ عَنْهَا كَانَ مُحَارِبًا حَلَالَ الدَّمِ وَالْمَالِ فَأَقَدْت الْمُعَاهِدَ الَّذِي الْعَهْدُ فِيهِ إلَى الْمُشْرِكِ وَلَمْ تَقِدْ الْمُعَاهِدَ الَّذِي عُقِدَ لَهُ الْعَهْدُ إلَى مُدَّةٍ بِمُسْلِمٍ
، ثُمَّ هُمَا جَمِيعًا فِي الْحَالَيْنِ مَمْنُوعَا الدَّمِ وَالْمَالِ عِنْدَك مُعَاهَدَيْنِ أَفَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ أَقِيدُ الْمُعَاهِدَ إلَى مُدَّةٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مَمْنُوعُ الدَّمِ وَالْمَالِ وَجَاهِلٌ بِأَنَّ حُكْمَ الْإِسْلَامِ لَا يُقْتَلُ الْمُؤْمِنُ بِهِ وَلَا أُقِيدُ الْمُعَاهِدَ الْمُقِيمَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِهِ فَقَدْ رَضِيَ الْعَهْدَ عَلَى مَا لَمْ يَرْضَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَلَا يَكُونَ أَحْسَنَ حُجَّةً مِنْك؟ قَالَ فَإِنَّا قَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ قُلْت أَفَرَأَيْت لَوْ كُنَّا نَحْنُ وَأَنْتَ نُثْبِتُ الْمُنْقَطِعَ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِمَنْ رَوَاهُ فَرُوِيَ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا مُنْقَطِعٌ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِخِلَافِهِ أَيُّهُمَا كَانَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نُثْبِتَهُ الَّذِي ثَبَتْنَاهُ وَقَدْ عَرَفْنَا مَنْ رَوَاهُ بِالصِّدْقِ أَوْ الَّذِي ثَبَتْنَاهُ بِالظَّنِّ؟ قَالَ بَلْ الَّذِي ثَبَتْنَاهُ مُتَّصِلًا فَقُلْت فَحَدِيثُنَا مُتَّصِلٌ وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُنْقَطِعٌ وَحَدِيثُ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ خَطَأٌ وَإِنَّ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ فِيمَا بَلَغَنَا «أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ قَتَلَ كَافِرًا كَانَ لَهُ عَهْدٌ إلَى مُدَّةٍ وَكَانَ الْمَقْتُولُ رَسُولًا فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ» وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا كُنْت أَنْتَ قَدْ خَالَفْت الْحَدِيثَيْنِ مَعًا حَدِيثَ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ وَاَلَّذِي قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ قَبْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَبْلَ الْفَتْحِ بِزَمَانٍ وَخُطْبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» عَامَ الْفَتْحِ قُلْت فَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ كَانَ مَنْسُوخًا قَالَ فَلَمْ لَمْ تَقْبَلْ بِهِ وَتَقُولُ هُوَ مَنْسُوخٌ وَقُلْت هُوَ خَطَأٌ؟.
قُلْت عَاشَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَهْرًا طَوِيلًا وَأَنْتَ إنَّمَا تَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ بَعْدُ لَيْسَ لَك بِهِ مِثْلُ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِنَا، «وَعَمْرٌو قَتَلَ اثْنَيْنِ وَدَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَزِدْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرًا عَلَى أَنْ قَالَ قَتَلْت رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنِّي عَهْدٌ لَأُدِيَنَّهُمَا» قَالَ فَإِنَّمَا قُلْت هَذَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا بِأَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ وَكَتَبَ أَنْ اُقْتُلُوهُ، ثُمَّ كَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَقْتُلُوهُ قُلْنَا أَفَرَأَيْت لَوْ كَتَبَ أَنْ اُقْتُلُوهُ وَقُتِلَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ أَكَانَ يَكُونُ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ؟ قَالَ لَا قُلْنَا فَأَحْسَنُ حَالِك أَنْ تَكُونَ احْتَجَجْت بِغَيْرِ حُجَّةٍ أَرَأَيْت لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ نُقِيمُ الْحُجَّةَ عَلَيْك بِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا مَا قَالَ عُمَرُ أَكَانَ عُمَرُ يَحْكُمُ بِحُكْمٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَنْهُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ بَلَغَهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَهَذَا عَلَيْك أَوْ أَنْ يَرَى أَنَّ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ الَّذِي قَالَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ رَاجِعًا أَوْلَى أَنْ تَصِيرَ إلَيْهِ؟ قَالَ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُرْضِيَهُ بِالدِّيَةِ قُلْنَا فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُخِيفَهُ بِالْقَتْلِ وَلَا يَقْتُلَهُ قَالَ لَيْسَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ قُلْنَا وَلَيْسَ مَا قُلْت فِي الْحَدِيثِ قَالَ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ فِي مُسْلِمٍ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا إنْ كَانَ الْقَاتِلُ قَتَّالًا فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَتَّالٍ فَذَرُوهُ وَلَا تَقْتُلُوهُ قُلْنَا فَقَدْ رَوَيْنَاهُ، فَإِنْ شِئْت فَقُلْ هُوَ ثَابِتٌ وَلَا نُنَازِعُك فِيهِ قَالَ، فَإِنْ قُلْته؟ قُلْت فَاتَّبَعَ عُمَرُ كَمَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَتَّبِعُهُ فِيمَا قَالَ وَلَا فِيمَا قُلْنَا فَنَسْمَعُك تَحْتَجُّ بِمَا عَلَيْك قَالَ فَيَثْبُتُ عِنْدَكُمْ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا شَيْءٌ؟.
قُلْت لَا وَلَا حَرْفٌ وَهَذِهِ أَحَادِيثُ مُنْقَطِعَاتٌ أَوْ ضِعَافٌ أَوْ تَجْمَعُ الِانْقِطَاعَ وَالضَّعْفَ جَمِيعًا قَالَ فَقَدْ رَوَيْنَا فِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute