للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُسْلِمٍ قَتَلَ كَافِرًا أَنْ يُقْتَلَ فَقَامَ إلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنَعُوهُ فَوَدَّاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَلَمْ يَقْتُلْهُ فَقُلْت هَذَا مِنْ حَدِيثِ مَنْ يَجْهَلُ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ فَدَعْ الِاحْتِجَاجَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَعَلَيْك فِيهِ حُكْمٌ وَلَك فِيهِ آخَرُ فَقُلْ بِهِ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّك قَدْ اتَّبَعْته عَلَى ضَعْفِهِ قَالَ وَمَا عَلَيَّ فِيهِ؟ قُلْنَا زَعَمْت أَنَّهُ أَرَادَ قَتْلَهُ فَمَنَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَجَعَ إلَيْهِمْ فَهَذَا عُثْمَانُ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُجْتَمَعِينَ أَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ فَكَيْفَ خَالَفْتُمْ؟ قَالَ فَقَدْ أَرَادَ قَتْلَهُ قُلْنَا فَقَدْ رَجَعَ فَالرُّجُوعُ أَوْلَى بِهِ قَالَ فَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ دِيَةَ الْمُعَاهِدِ كَانَتْ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - دِيَةَ مُسْلِمٍ تَامَّةً حَتَّى جَعَلَ مُعَاوِيَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ قُلْنَا أَفَتَقْبَلُ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عَنْ عُمَرَ أَوْ عَنْ عُثْمَانَ فَنَحْتَجُّ عَلَيْك بِمُرْسَلِهِ؟ قَالَ مَا يُقْبَلُ الْمُرْسَلُ مِنْ أَحَدٍ وَإِنَّ الزُّهْرِيَّ لَقَبِيحُ الْمُرْسَلِ قُلْنَا وَإِذَا أَبَيْت أَنْ تَقْبَلَ الْمُرْسَلَ فَكَانَ هَذَا مُرْسَلًا وَكَانَ الزُّهْرِيُّ قَبِيحَ الْمُرْسَلِ عِنْدَك أَلَيْسَ قَدْ رَدَدْته مِنْ وَجْهَيْنِ قَالَ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ؟ قُلْنَا نَعَمْ إنْ كُنْت صَحَّحْته عَنْ الزُّهْرِيِّ وَلَكِنَّا لَا نَعْرِفُهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ كَمَا نَقُولُ قَالَ وَمَا هُوَ قُلْت أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ ثَابِتٍ الْحَدَّادِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَى فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَفِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَرْسَلْنَا إلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَسْأَلُهُ عَنْ دِيَةِ الْمُعَاهِدِ فَقَالَ: قَضَى فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ قَالَ فَقُلْنَا فَمَنْ قَبْلَهُ؟ قَالَ فَحَسْبُنَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): هُمْ الَّذِينَ سَأَلُوهُ آخِرًا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ قُلْنَا إنَّهُ لَيَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ عَنْهُ

، ثُمَّ تَزْعُمُونَهُ أَنْتُمْ أَنَّهُ خَاصَّةٌ وَهُوَ عَنْ عُثْمَانَ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ قَالَ فَبِهَذَا قُلْت؟ قُلْت نَعَمْ وَبِغَيْرِهِ قَالَ فَلِمَ قَالَ أَصْحَابُك نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ قُلْت رَوَيْنَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَدِيَتُهُ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» قَالَ فَلِمَ لَا تَأْخُذُ بِهِ أَنْتَ؟ قُلْت لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ لَأَخَذَنَا بِهِ وَمَا كَانَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ قُلْنَا فَيَكُونُ لَنَا مِثْلُ مَا لَهُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَعِنْدَهُمْ فِيهِ رِوَايَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ قُلْت لَهُ نَعَمْ شَيْءٌ يَرْوُونَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ هَذَا أَمْرٌ ضَعِيفٌ قُلْنَا فَقَدْ تَرَكْنَاهُ قَالَ فَإِنَّ مِنْ حُجَّتِنَا فِيهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} وَقَالَ {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} فَلَمَّا سَوَّيْت وَسَوَّيْنَا بَيْنَ قَتْلِ الْمُعَاهِدِ وَالْمُسْلِمِ فِي الرَّقَبَةِ بِحُكْمِ اللَّهِ كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الدِّيَةِ قُلْنَا الرَّقَبَةُ مَعْرُوفَةٌ فِيهِمَا وَالدِّيَةُ جُمْلَةٌ لَا دَلَالَةً عَلَى عَدَدِهَا فِي تَنْزِيلِ الْوَحْيِ فَإِنَّمَا قُبِلَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَدِهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِطَاعَتِهِ أَوْ عَمَّنْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عَنْهُ قَالَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَدَدُ الدِّيَةِ قُلْنَا فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَدُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَعَنْ عُمَرَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَقَبِلْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِبِلَ وَعَنْ عُمَرَ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا فَهَكَذَا قَبِلْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَدَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَعَنْ عُمَرَ عَدَدَ دِيَةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ نَعْرِفُهُ أَرَأَيْت إذَا عَشَوْت إلَى أَنَّ كِلْتَيْهِمَا اسْمُ دِيَةٍ أَفِي فَرْضِ اللَّهِ مَنْ قَتَلَ الْمُؤْمِنَ الدِّيَةُ وَالرَّقَبَةُ وَمَنْ قَتَلَ الْمُؤْمِنَةَ مِثْلُ ذَلِكَ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ نَعَمْ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهَا تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةً مُسَلَّمَةً قُلْنَا فَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَكُونُ فِيهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَدِيَةٌ هَلْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الدِّيَةِ الْمُسَلَّمَةِ؟ قَالَ لَا قُلْنَا وَهِيَ أَوْلَى بِمُسَاوَاتِهِ مَعَ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>