للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعَهُ، فَقَالَ: أَرَدْت أَنْ يَكْمُلَ أَجْرِي بِأَنْ لَا يَرْجِعَ إلَيَّ، وَلَاؤُهُ، قَالَ: فَإِنْ قَالُوا: فَإِذَا قَالَ: هَذَا؟ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قُلْنَا هَذَا الْجَوَابُ مُحَالٌ، يَقُولُ أَعْتَقْتُك عَنْ نَفْسِي وَيَقُولُ أَعْتَقَهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: هَذَا قَوْلٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، قُلْت أَرَأَيْت لَوْ كَانَ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ إلَى الْمُسْلِمِينَ أَكَانَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ، وَلَمْ يَأْمُرُوهُ بِعِتْقِهِ؟، وَلَوْ فَعَلَ لَكَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا إذَا أَعْتَقَ مَا أَخْرَجَ مِنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا أَجَزْته؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ مُعْتِقٌ، فَقَدْ قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، قَالَ: فَمَا حُجَّتُك عَلَيْهِمْ فِي الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ عَبْدُهُ فَيُعْتِقُهُ؟ قُلْت مِثْلُ أَوَّلِ حُجَّتِي فِي السَّائِبَةِ أَنَّهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ مُعْتَقًا، فَقَدْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَلَاءِ لِمَنْ أَعْتَقَ، أَوْ يَكُونُ إذَا اخْتَلَفَ الدِّينَانِ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ فَيَكُونُ عِتْقُهُ بَاطِلًا؟ قَالَ: بَلْ هُوَ مُعْتَقٌ وَالْعِتْقُ جَائِزٌ قُلْت فَمَا أَعْلَمُك بَقَّيْت لِلْمَسْأَلَةِ مَوْضِعًا قَالَ: بَلَى لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ لَمْ يَرِثْهُ الْمُعْتِقُ قُلْت وَمَا مَنَعَ الْمِيرَاثَ إنَّمَا مَنَعَ الْمِيرَاثَ الَّذِي مَنَعَهُ الْوَرَثَةُ أَيْضًا غَيْرُ الْمُعْتِقِ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ، وَكَذَلِكَ يَمْنَعُهُ وَارِثُهُ بِالنَّسَبِ بِاخْتِلَافِ الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ قَالَ: أَفَيَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَاءً، وَهُوَ لَا يَرِثُهُ؟ قُلْت نَعَمْ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ أُبُوَّةً، وَهُوَ لَا يَرِثُهُ إذَا اخْتَلَفَ الدِّينَانِ، أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنْ الذِّمِّيَّ إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَلِلذِّمِّيِّ وَلَدٌ مُسْلِمُونَ كَانَ الْوَلَاءُ لِبَنِيهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَكُونُ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ؟ لَئِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ فَالْمُعْتَقُ لَهُمْ مِنْ بَنِيهِ أَبْعَدُ أَنْ يَجُوزَ قَالَ: وَأَنْتَ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا؟ قُلْت وَأَيْنَ؟ قَالَ تَزْعُمُ أَنَّ رَجُلًا لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مُسْلِمُونَ، وَهُوَ كَافِرٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَرِثَتْهُ إخْوَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَمْ يَرِثْهُ أَبُوهُ وَبِهِ وَرِثُوهُ قُلْت أَجَلْ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْك قَالَ: وَكَيْفَ؟ قُلْت أَرَأَيْت أُبُوَّتَهُ زَالَتْ عَنْ الْمَيِّتِ بِاخْتِلَافِ دِينِهِمَا؟ قَالَ لَا، هُوَ أَبُوهُ بِحَالِهِ قُلْت، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَرَّثْته قَالَ نَعَمْ قُلْت، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْمِيرَاثُ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَلِمَ لَمْ تَقُلْ فِي الْمَوَالِي هَذَا الْقَوْلَ فَنَقُولُ مَوْلَاهُ مَنْ أَعْتَقَهُ، وَلَا يَرِثُهُ مَا اخْتَلَفَ دِينَاهُمَا، فَإِذَا أَسْلَمَ الْمُعْتِقُ وَرِثَهُ إنْ مَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إذَا أَعْتَقَهُ الذِّمِّيُّ ثَبَتَ، وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ قُلْت وَكَيْفَ ثَبَتَ، وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيْرُهُمْ أَعْتَقَهُ؟ قَالَ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَرِثُونَهُ؟ قُلْت لَيْسُوا يَرِثُونَهُ وَلَكِنَّ مِيرَاثَهُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لَهُ بِعَيْنِهِ قَالَ: وَمَا دَلَّك عَلَى مَا تَقُولُ، فَإِنَّ الَّذِي يُعْرَفُ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهُ إلَّا مِيرَاثًا؟ قُلْت أَفَيَجُوزُ أَنْ يَرِثُوا كَافِرًا؟ قَالَ: لَا قُلْت أَفَرَأَيْت الذِّمِّيَّ لَوْ مَاتَ، وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ لِمَنْ مِيرَاثُهُ؟ قَالَ: لِلْمُسْلِمِينَ قُلْت؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لَهُ لَا أَنَّهُ مِيرَاثٌ قَالَ: نَعَمْ قُلْت، وَكَذَلِكَ مَنْ لَا وَلَاءَ مِنْ لَقِيطٍ وَمُسْلِمٍ لَا وَلَاءَ لَهُ، أَوْ، وَلَاؤُهُ لِكَافِرٍ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرْت مَا ذَكَرْت فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ: فَإِنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ خَالَفَك فِي مَعْنًى آخَرَ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ مُسْلِمًا أَعْتَقَ نَصْرَانِيًّا فَمَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَرِثَهُ إنَّمَا قَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فِي النَّسَبِ» فَقُلْت أَمَوْجُودٌ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ فَيَقُولُونَ الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُهُ قُلْت أَفَرَأَيْت إنْ عَارَضَنَا وَإِيَّاهُمْ غَيْرُنَا فَقَالَ: فَإِنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي الْوَلَاءِ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ قُلْت وَلِمَ؟ أَلِأَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُهُ؟ قَالَ: بَلْ يَحْتَمِلُهُ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَ هَذَا فِي النَّسَبِ قُلْت لَيْسَ كُلُّ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَهُ فِي النَّسَبِ فَمِنْهُمْ مِنْ يُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ الْكَافِرَ كَمَا يُجِيزُ لَهُ النِّكَاحَ إلَيْهِ، وَلَا يُوَرِّثُ الْكَافِرَ الْمُسْلِمَ قَالَ: فَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً؟ قُلْت أَجَلْ فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ وَالْحُجَّةُ عَلَى مَنْ قَالَ: هَذَا فِي بَعْضِ الْكَافِرِينَ فِي النَّسَبِ كَالْحَجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ: فِي الْوَلَاءِ قُلْت فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إنْ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِهِ فَقُلْت قَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّ مَيْمُونَةَ وَهَبَتْ وَلَاءَ بَنِي يَسَارٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَهَيَّبُهُ وَقُلْت: إذَا جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً فَهُوَ عَلَى جُمْلِهِ، وَلَمْ نُحَمِّلْهُ مَا احْتَمَلَ إلَّا بِدَلَالَةٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَكَذَلِكَ أَقُولُ قُلْت فَلِمَ لَمْ تَقُلْ هَذَا فِي الْمُسْلِمِ يُعْتِقُ النَّصْرَانِيَّ مَعَ أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>