للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طنفسة له وهو رجل قد غلب عليه الخمر فإن تجداه صاحيًا تجدا رجلًا عربيًا فأتيناه فإذا نحن بشيخ كبير أسود مثل البغاث (١) على طنفسة له وهو صاح فسلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عديٍّ فقال: بن لعدي والله ابن الخيار أنت? قال: نعم …

فقال: والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى وهي على بعيرها فلمعت لي قدماك قلنا إنا أتينا لتحدثنا كيف قتلت حمزة؟ قال سأحدثكما بما حدثت به رسول الله كنت عبد جبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قتل يوم بدر فقال لي إن قتلت حمزة فأنت حر وكنت صاحب حربة أرمي قلما أخطئ بها فخرجت مع الناس فلما التقوا أخذت حربتي وخرجت أنظر حمزة حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق (٢) يهد الناس بسيفه هدًا ما يليق شيئًا فوالله إني لأتهيأ له إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى الخزاعي فلما رآه حمزة قال هلم إلي يابن مقطعة البظور (٣) ثم ضربه حمزة فوالله لكأن ما أخطأ رأسه ما رأيت شيئًا قط كان أسرع من سقوط رأسه فهززت حربتي حتى إذا رضيت عنها دفعتها عليه فوقعت في ثنته (٤) حتى خرجت بين رجليه فوقع فذهب لينوء (٥) فغلب فتركته وإياها حتى إذا مات قمت إليه فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي حاجة بغيره فلما افتتح رسول الله مكة هربت إلى الطائف فلما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت علي الأرض بما رحبت وقلت ألحق بالشام أو اليمن أو بعض البلاد فوالله إني لفي ذلك من همي إذ قال رجل والله إن يقتل محمد أحدًا دخل في دينه فخرجت حتى قدمت المدينة على رسول الله فقال: "وحشي"؟ قلت: نعم قال: "اجلس فحدثني كيف قتلت حمزة" فحدثته كما أحدثكما فقال: "ويحك! غيب عني وجهك فلا أرينك" فكنت أتنكب (٦) رسول الله حيث كان حتى قبض.


(١) البغاثة: الضعيف من الطير، وجمعها بغاث. وقيل هي لئامها وشرارها.
(٢) الأورق: الأسمر.
(٣) البظر: بفتح الباء: الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان. والبظور: جمع بظر. وقد دعاه بذلك؛ لأن أمه كانت تختن النساء. والعرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذم، وإن لم تكن أم من يُقال له خاتنة.
(٤) الثنة: ما بين السرة والعانة من أسفل البطن.
(٥) لينوء: ينهض.
(٦) أتنكب: أتجنب، وأتنحى عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>