قال ابن سيرين: كان شعراء رسول الله ﷺ عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك.
قيل: لما جهز النبي ﷺ إلى مؤتة الأمراء الثلاثة فقال: "الأمير زيد فإن أصيب فجعفر فإن أصيب فابن رواحة" فلما قتلا كره ابن رواحة الإقدام فقال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه … طائعة أو لا لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنه … ما لي أراك تكرهين الجنة
فقاتل حتى قتل.
قال مدرك بن عمارة: قال ابن رواحة: مررت بمسجد النبي ﷺ فجلست بين يديه فقال: "كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول"؟ قلت: أنظر في ذاك ثم أقول قال: "فعليك بالمشركين" ولم أكن هيأت شيئًا ثم قلت:
فخبروني أثمان العباء متى … كنتم بطارق أو دانت لكم مضر
فرأيته قد كره هذا أن جعلت قومه أثمان العباء فقلت:
يا هاشم الخير إن الله فضلكم … على البرية فضلًا ما له غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه … فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت إن استنصرت بعضهم … في حل أمرك ما آووا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسنٍ … تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا
فأقبل ﷺ بوجهه مستبشرًا وقال: "وإياك فثبت الله".
وقال ابن سيرين: كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إليه فلما أسلموا وفقهوا كان أشد عليهم.
ثابت، عن أنس قال دخل النبي ﷺ مكة في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله … اليوم نضربكم على تنزيله
ضربًا يزيل الهام عن مقيله … ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر: يابن رواحة! في حرم الله وبين يدي رسول الله له تقول الشعر فقال النبي ﷺ: "خل يا عمر فهو أسرع فيهم من نضح النبل".