وقد روى نحوه شريك بن أبي نمر، عن أنس، عن أبي ذر وكذلك رواه الزهري، عن أنس، عن أبي ذر أيضا. وأما قتادة فرواه عن أنس، عن مالك بن صعصعة، نحوه.
وإنما ذكرت هذا ليعرف أن جبريل شرح صدره مرتين: في صغره ووقت الإسراء به.
وفاة والده:
وتوفي "عبد الله" أبوه، وللنبي ﷺ ثمانية وعشرون شهرا. وقيل: أقل من ذلك.
وقيل: وهو حمل توفي بالمدينة غريبا، وكان قدمها ليمتار تمرا، وقيل: بل مر بها مريضا راجعا من الشام، فروى محمد بن كعب القرظي وغيره: أن عبد الله بن عبد المطلب خرج إلى الشام إلى غزة في عير تحمل تجارات، فلما قفلوا مروا بالمدينة وعبد الله مريض، فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار، فأقام عندهم مريضا مدة شهر، فبلغ ذلك عبد المطلب، فبعث إليه الحارث وهو أكبر ولده؛ فوجده قد مات؛ ودفن في دار النابغة أحد بني النجار؛ والنبي ﷺ يومئذ حمل، على الصحيح. وعاش عبد الله خمسا وعشرين سنة، قال الواقدي: وذلك أثبت الأقاويل في سنة وفاته.
وترك عبد الله من الميراث أم أيمن وخمسة أجمال وغنما، فورث ذلك النبي ﷺ.
وفاة أمه وكفالة جده وعمه:
وتوفيت أمه "آمنة" بالأبواء وهي راجعة به ﷺ إلى مكة من زيارة أخوال أبيه بني عدي ابن النجار، وهو يومئذ ابن ست سنين ومائة يوم. وقيل: ابن أربع سنين. فلما مات ودفنت، حملته أم أيمن مولاته إلى مكة إلى جده، فكان في كفالته إلى أن توفي جده، وللنبي ﷺ ثمان سنين، فأوصى به إلى عمه أبي طالب.
قال عمرو بن عون: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن عباس بن عبد الرحمن، عن كندير بن سعيد، عن أبيه، قال: حججت في الجاهلية، فإذا رجل يطوف بالبيت ويرتجز يقول:
رب رد إليّ راكبي محمدا … يا رب رده واصطنع عندي يدا
قلت: من هذا؟ قال: عبد المطلب، ذهبت إبل له فأرسل ابن ابنه في طلبها، ولم يرسله في حاجة قط إلا جاء بها، وقد احتبس عليه فما برحت حتى جاء محمد ﷺ وجاء بالإبل. فقال: يا بني لقد حزنت عليك حزنا؛ لا تفارقني أبدا.