قال ابن إسحاق: ثم إن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي أقرب منه ﷺ إلى قصي برجل، كانت، امرأة تاجرة ذات شرف ومال، وكانت تستأجر الرجال في مالها، وكانت قريش تجارا، فعرضت على النبي ﷺ أن يخرج في مال لها إلى الشام، ومعه غلام اسمه ميسرة، فخرج إلى الشام، فنزل تحت شجرة بقرب صومعة، فأطل الراهب إلى ميسرة فقال: من هذا؟ فقال: رجل من قريش، قال: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي. ثم باع النبي ﷺ تجارته وتعوض ورجع، فكان ميسرة -فيما يزعمون- إذا اشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير.
روى قصة خروجه ﷺ إلى الشام تاجرا، المحاملي، عن عبد الله بن شبيب وهو واه، قال: حدثنا أبو بكر بن شيبة، قال: حدثني عمر بن أبي بكر العدوي، قال: حدثني بن شيبة، قال: حدثتني عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى، قالت: لما بلغ رسول الله ﷺ خمسا وعشرين سنة. فذكر الحديث بطوله، وهو حديث منكر. قال: فلما قدم مكة باعت خديجة ما جاء به فأضعف أو قريبا. وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وعن الملكين، وكانت لبيبة حازمة، فبعثت إليه تقول: يابن عمي، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدق وحسن خلقك، ثم عرضت عليه نفسها، فقال ذلك لأعمامه، فجاء معه حمزة عمه حتى دخل على خويلد فخطبها منه، وأصدقها النبي ﷺ عشرين بكرة، فلم يتزوج عليها حتى ماتت، وتزوجها وعمره خمس وعشرون سنة.
وقال أحمد في "مسنده": حدثنا أبو كامل، قال: حدثنا حماد، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس -فيما يحسب حماد: أن رسول الله ﷺ ذكر خديجة، وكان أبوها يرغب عن أن يزوجه، فصنعت هي طعاما وشرابا، فدعت أبها وزمرا من قريش، فطعموا وشربوا حتى ثملوا، فقالت لأبيها: إن محمدا يخطبني فزوجني إياه، فزوجها إياه، فخلقته وألبسته حلة كعادتهم، فلما صحا نظر، فإذا هو مخلق، فقال: ما شأني؟ فقالت: زوجتني محمدا. فقال: وأنا أزوج يتيم أبي طالب! لا لعمري، فقالت: أما تستحيي؟ تريد أن تسفه نفسك عند قريش بأنك كنت سكران، فلم تزل به حتى رضي (١).
(١) ضعيف: أخرجه أحمد "١/ ٣١٢". شك أحمد بن حنبل في وصله فقد قال الرواة عنه: "فيما يحسب حماد" ولم يجزم، وقد دلسه حماد. =