قال: فانطلقت فلقيت أنيسًا فقال: ما صنعت قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت. قال: ما بي رغبة، عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت. فأسلمت أمنا فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفار فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إيماء بن رخصه وكان سيدهم. وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله المدينة أسلمنا. فقدم رسول الله ﷺ المدينة فأسلم نصفهم الباقي.
وجاءت أسلم فقالوا: يا رسول الله إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا.
فقال رسول الله ﷺ:"غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله".
أخرجه مسلم (١).
قال أبو جمرة: قال لنا ابن عباس: إلَّا أخبركم بإسلام أبي ذر قلنا: بلى قال: قال أبو ذر: بلغني أن رجلًا بمكة قد خرج يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فقلت: انطلق إلى هذا الرجل فكلمه. فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت: ما عندك قال: والله لقد رأيت رجلًا يأمر بالخير وينهى، عن الشر. قلت: لم تشفني. فأخذت جرابًا وعصًا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد فمر علي بن أبي طالب فقال: هذا رجل غريب قلت: نعم. قال: انطلق إلى المنزل. فانطلقت معه لا أسأله، عن شيء ولا يخبرني!
فلما أصبح الغد جئت إلى المسجد لا أسأل عنه وليس أحد يخبرني عنه بشيء فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعود قلت: لا. قال: ما أمرك وما أقدمك قلت: إن كتمت علي أخبرتك قال: أفعل. قلت: قد بلغنا أنه قد خرج نبي. قال: أما قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني وادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت.
فمضى ومضيت معه فدخلنا على النبي ﷺ فقلت: يا رسول الله اعرض علي الإسلام. فعرض علي فأسلمت مكاني فقال لي:"يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى قومك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل". فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم.
(١) صحيح: أخرجه مسلم بتمام "٢٤٧٣" حدثنا هداب بن خالد الأزدي، حدثنا سليمان بن المغيرة، به.