قلت: بلى قال: "فما خلفك"؟ قلت: والله لو بين يدي أحد غيرك جلست لخرجت من سخطه علي بعذر لقد أوتيت جدلاً ولكن قد علمت يا نبي الله أني أخبرك اليوم بقول تجد علي فيه وهو حق فإني أرجو فيه عقبى الله.
إلى أن قال: والله ما كنت قط أيسر ولا أخف حاذاً مني حين تخلفت عنك فقال: "أما هذا فقد صدقكم قم حتى يقضي الله فيك" فقمت.
إلى أن قال: ونهى رسول الله ﷺ الناس عن كلامنا أيها الثلاثة.
فجعلت أخرج إلى السوق فلا يكلمني أحد وتنكر لنا الناس حتى ما هم بالذين نعرف وتنكرت لنا الحيطان والأرض. وكنت أطوف وآتي المسجد فأدخل وآتي النبي ﷺ فأسلم عليه فأقول: هل حرك شفتيه بالسلام! واستكان صاحباي فجعلا يبكيان الليل والنهار لا يطلعان رؤوسهما! فبينا أنا أطوف في السوق إذا بنصراني جاء بطعام يقول: من يدل على كعب فدلوه علي! فأتاني بصحيفة من ملك غسان فإذا فيها: أما بعد فإنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ولست بدار مضيعة ولا هوان فالحق بنا نواسك. فسجرت لها التنور وأحرقتها.
إلى أن قال: إذ سمعت نداء من ذروة سلع: أبشر يا كعب بن مالك. فخررت ساجداً. ثم جاء رجل على فرس يبشرني فكان الصوت أسرع من فرسه فأعطيته ثوبي بشارة ولبست غيرهما.
ونزلت توبتنا على النبي ﷺ ثلث الليل فقالت أم سلمة: يا نبي الله ألا نبشر كعباً؟ قال:"إذاً يحطمكم الناس ويمنعونكم النوم".
قال: فانطلقت إلى النبي ﷺ فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون وهو يستنير كاستنارة القمر فقال: أبشر يا كعب بخير يوم أتى عليك ثم تلا عليهم: "لقد تاب الله على النبي". التوبة ١١٧. الآيات.
وفينا نزلت أيضاً:"اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" التوبة ١١٩.
فقلت: يا نبي الله إن من توبتي ألا أحدث إلا صادقاً وأن أنخلع من مالي كله صدقة. فقال:"أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك ..... الحديث".