للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن جويرية بن أسماء، عن مسافع بن شيبة قال: لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم، فأخذ بخطام راحلته، فأناخ به، ثم ساره طويلًا، وانصرف، فزجر معاوية الراحلة، فقال له ابنه يزيد: لا يزال رجل قد عرض لك، فأناخ بك، قال: دعه، لعله يطلبها من غيري، فلا يسوغه فيقتله.

رجع الحديث إلى الأول:

قالوا: ولما حضر معاوية دعا يزيد فأوصاه، وقال: انظر حسينًا، فإنه أحبّ الناس إلى الناس، فصل رحمه، وارفق به، فإن يك منه شيء، فسيكفيك الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.

ومات معاوية في نصف رجب، وبايع الناس يزيد، فكتب إلى والي المدينة؛ الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، أن ادع الناس وبايعهم، وابدأ بالوجوه، وارفق بالحسين، فبعث إلى الحسين وابن الزبير في الليل، ودعاهما إلى بيعة يزيد، فقالا: نصبح وننظر فيما يعمل الناس، ووثبا فخرجا، وقد كان الوليد أغلظ للحسين، فشتمه حسين، وأخذ بعمامته فنزعها، فقال الوليد: إن هجنا بهذا إلَّا أسدًا، فقال له مروان -أو غيره: اقتله، قال: إن ذلك لدم مصون.

وخرج الحسين، وابن الزبير لوقتهما إلى مكة، ونزل الحسين بمكة دار العباس، ولزم عبد الله الحجر، ولبس المعافري (١)، وجعل يحرض على بني أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتكم، وكان ابن عباس ينهاه.

وقال له عبد الله بن مطيع: فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك ولا تسر، فوالله لئن قتلت ليتخذونا خولًا وعبيدًا.

ولقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة منصرفين من العمرة، فقال لهما: أذكر كما الله إلَّا رجعتما، فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، وتنظران، فإن اجتمع عليه الناس لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان.

وقال ابن عمر للحسين: لا تخرج، فإن رسول الله Object خُيِّر بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، ولا تنالها، ثم اعتنقه وبكى وودَّعه، فكان ابن عمر يقول: غلبنا بخروجه، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك.


(١) المعافري: برود يمنيه منسوبة إلى قبيلة معافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>