وقال له ابن عباس: أين تريد يا ابن فاطمة? قال: العراق وشيعتي، قال: إني كاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك ....
إلى أن قال: وقال له أبو سعيد: اتق الله، والزم بيتك.
وكلمه جابر، وأبو واقد الليثي، وقال ابن المسيب: لو أنه لم يخرج لكان خيرًا له.
قال: وكتبت إليه عمرة تعظم ما يريد أن يصنع، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه، وتقول: حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يقتل حسين بأرض بابل"، فلما قرأ كتابها قال: فلا بُدَّ إذًا من مصرعي.
وكتب إليه عبد الله بن جعفر يحذره، ويناشده الله، فكتب إليه: إني رأيت رؤيا؛ رأيت فيها رسول الله ﷺ، وأمرني بأمر أنا ماضٍ له.
وأبى الحسين على كل من أشار عليه إلَّا المسير إلى العراق، وقال له ابن عباس: إني لأظنك ستقتل غدًا بين نسائك وبناتك كما قُتِلَ عثمان، وإني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: أبا العباس! إنك شيخ قد كبرت.
فقال: لولا أن يُزْرَى بي وبك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنك تقيم إذًا لفعلت، ثم بكى وقال: أقررت عين ابن الزبير، ثم قال بعد لابن الزبير: قد أتى ما أحببت، أبو عبد الله يخرج إلى العراق ويتركك والحجاز:
يا لك من قنبرة بمعمر … خلا لك البر فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
وقال أبو بكر بن عياش: كتب الأحنف إلى الحسين ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الروم: ٦٠].
عوانة بن الحكم، عن لبطة بن الفرزدق، عن أبيه قال: لقيت الحسين، فقلت: القلوب معك، والسيوف مع بني أمية.
ابن عيينة، عن لبطة، عن أبيه، قال: لقيني الحسين وهو خارج من مكة في جماعة عليهم يلامق الديباج، فقال: ما وراءك? قال -وكان في لسانه ثقل من برسام عرض له، وقيل: كان مع الحسين وجماعته اثنان وثلاثون فرسًا.