للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى ابن سعد بأسانيده، قالوا: وأخذ الحسين طريق العُذيب حتى نزل قصر أبي مقاتل، فخفق خفقة ثم استرجع، وقال: رأيت كأنَّ فارسًا يسايرنا، ويقول: القوم يسيرون، والمنايا تسري إليهم، ثم نزل كربلاء، فسار إليه عمر بن سعد كالمكره … ، إلى أن قال: وقتل أصحابه حوله، وكانوا خمسين، وتحوَّل إليه من أولئك عشرون، وبقي عامة نهاره لا يقدم عليه أحد، وأحاطت به الرجالة، وكان يشد عليهم فيهزمهم، وهم يكرهون الإقدام عليه، فصرخ بهم شمر: ثكلتكم أمهاتكم، ماذا تنتظرون به? وطعنه سنان بن أنس النخعي في ترقوته، ثم طعنه في صدره فخَرَّ، واحتزَّ رأسه خولى الأصبحي -لا ﵄.

ذكر ابن سعد بأسانيد له، قالوا: قدم الحسين مسلمًا، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة، ويكتب إليه بخبر الناس، فقدم الكوفة مستخفيًا، وأتته الشيعة فأخذ بيعتهم، وكتب إلى الحسين: بايعني إلى الآن ثمانية عشر ألفًا، فعجّل، فليس دون الكوفة مانع، فأغذَّ السير حتى انتهى إلى زبالة، فجاءت رسل أهل الكوفة إليه بديوان فيه أسماء مائة ألف، وكان على الكوفة النعمان بن بشير، فخاف يزيد أن لا يقدم النعمان على الحسين، فكتب إلى عبيد الله وهو على البصرة، فضَمَّ إليه الكوفة، وقال له: إن كان لك جناحان فطر إلى الكوفة، فبادر متعممًا متنكرًا، ومرَّ في السوق، فلمَّا رآه السفلة اشتدوا بين يديه يظنونه الحسين، وصاحوا: يا ابن رسول الله! الحمد لله الذي أراناك، وقَبَّلوا يده ورجله، فقال: ما أشد ما فسد هؤلاء، ثم دخل المسجد فصلى ركعتين، وصعد المنبر، وكشف لثامه، وظفر برسول الحسين -وهو عبد الله بن بقطر- فقتله، وقدم مع عبيد الله؛ شريك بن الأعور -شيعي، فنزل على هانئ بن عروة، فمرض، فكان عبيد الله يعوده، فهيئوا لعبيد الله ثلاثين رجلًا ليغتالوه، فلم يتم ذلك، وفهم عبيد الله، فوثب وخرج، فنَمَّ عليهم عبد لهانئ، فبعث إلى هانئ -وهو شيخ، فقال: ما حملك على أن تجير عدوي? قال: يا ابن أخي، جاء حق هو أحق من حقك، فوثب إليه عبيد الله بالعنزة حتى غرز رأسه بالحائط.

وبلغ الخبر مسلمًا، فخرج في نحو الأربع مائة، فما وصل القصر إلَّا في نحو الستين، وغربت الشمس فاقتتلوا، وكثر عليهم أصحاب عبيد الله، وجاء الليل فهرب مسلم، فاستجار بامرأة من كندة، ثم جيء به إلى عبيد الله فقتله، فقال: دعني أوص. قال: نعم. فقال لعمر بن سعد: يا هذا! إن لي إليك حاجة، وليس هنا قرشي غيرك، وهذا الحسين قد أظلك، فأرسل إليه لينصرف، فإن القوم قد غروه وكذبوه، وعليَّ دين فاقضه عني، ووار جثتي، ففعل ذلك، وبعث رجلًا على ناقة إلى الحسين، فلقيه على أربع مراحل، فقال له ابنه علي الأكبر: ارجع يا أبه، فإنهم أهل العراق وغدرهم، وقلة وفائهم، فقالت بنو عقيل: ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>