وبعضهم قال: "عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: ما سمعت رسول الله ﷺ يقول في "زعموا"؟ قال: فذكره. قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو قلابة قد صرح بالتحديث في رواية الوليد بن مسلم قال نا الأوزاعي، نا يحيى بن أبي كثير، نا أبو قلابة، نا أبو عبد الله مرفوعًا به. وفي الحديث ذم استعمال هذه الكلمة "زعموا" وإن كانت في اللغة قد تأتي بمعنى قال، كما هو معلوم، ولذلك لم تأت في القرآن إلا في الإخبار عن المذموميين بأشياء مذمومة كانت منهم مثل قوله -تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾ ثم أتبع ذلك بقوله: ﴿بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾ [التغابن: ٧]، ونحو ذلك من الآيات. قال الطحاوي ﵀ بعد أن ساق بعضها: "وكل هذه الأشياء فإخبار من الله بها عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة. وبأقوال كانت منهم، كانوا فيها كاذبين، فكان مكروهًا لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم، الكاذبين في أقوالهم، وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودة والأقوال الصادقة التي حمدهم الله -تعالى- عليها رضوان الله عليهم ورحمته" وقال البغوي في "شرح السنة" "٣/ ٤١٣"ط. المكتب الإسلامي: "إنما ذم هذه اللفظة، لأنها تستعمل غالبًا في حديث لا سند له، ولا ثبت فيه، إنما هو شيء يحكي على الألسن، فشبه النبي ﷺ ما يقدمه الرجل أمام كلامه ليتوصل به إلى حاجته من قولهم: زعموا، بالمطية التي يتوصل بها الرجل إلى مقصده الذي يؤمه، فأمر النبي ﷺ بالتثبت فيما يحكيه والاحتياط فيما يرويه، فلا يروي حديثًا حتى يكون مرويًا عن ثقة، فقد روى عن النبي ﷺ قال: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" وقال، ﵇: "من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".