فأما قولهم في الصدقة فإنه قد بلغني أن رسول الله ﷺ ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها (٣٦٣) أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع أو هرة والله يقول: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" الإنسان ٨، الآيات.
وأما قولهم لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم أهم خير أم الملائكة والله يقول:"ويستغفرون لمن في الأرض" الشورى ٥، فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به:"لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" الأنبياء ٢٧، وجاء ميسراً "ويستغفرون للذين آمنوا" غافر ٧،.
يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الإسلام فوالله ما كانت الخوارج جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الأرض وقطعت السنبل والحج ولعاد أمر الإسلام جاهلية وإذاً لقام جماعة كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف يقاتل بعضهم بعضاً ويشهد بعضهم على بعض بالكفر حتى يصبح المؤمن خائفاً على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله لا يدري مع من يكون قال تعالى:"ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" البقرة ٢٥١، وقال:"إن لننصر رسلنا والذين آمنوا" غافر ٥١، فلو كانوا مؤمنين لنصروا وقال:"وإن جندنا لهم الغالبون" الصافات ١٧٣، ألا يسعك يا ذا خولان من أهل القبلة ما وسع نوحاً من عبدة الأصنام إذ قال له قومه:"أنؤمن لك واتبعك الأرذلون" الشعراء ١١١، إلى أن قال فقال ذو خولان فما تأمرني قال أنظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة وجمعهم عليه فإن الملك من الله وحده وبيده يأتيه من يشاء فإذا أديتها إلى والي الأمر برئت منها وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف فقال أشهد أني نزلت عن رأي الحرورية.
وفي العقل لابن المحبر ذكر صفات حميدة للعاقل نحو من ستين سطراً فيها مئة خصلة.
(٣٦٣) صحيح: أخرجه أحمد (٢/ ٢٦٩)، ومسلم (٢٦١٩)، وابن ماجه من طريق عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة فذكر أحاديث منها وقال رسول الله ﷺ: دخلت امرأة النار من جرَّاء هِرَّة لها أو هِرٍّ ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هى أرسلتها تُرمرم من خشاش الأرض حتى ماتت هَزْلًا".