جاء رسول الله ﷺ الله أكبر جاء محمد ﷺ، فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمر. متفق عليه.
وقال هاشم بن القاسم: حدثنا سليمان -هو ابن المغيرة- عن ثابت، عن أنس، قال: إني لأسعى في الغلمان يقولون: "جاء محمد"، وأسعى ولا أرى شيئا، ثم يقولون:"جاء محمد"، فأسعى، حتى جاء النبي ﷺ وصاحبه أبو بكر فكمنا في بعض جدار المدينة، ثم بعثا رجلا من أهل البادية ليؤذن بهما الأنصار، قال: استقبلهما زهاء خمس مائة من الأنصار، حتى انتهوا إليهما، فقالوا: انطلقا آمنين مطاعين. فأقبل رسول الله ﷺ وصاحبه بين أظهرهم، فخرج أهل المدينة، حتى إن العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن: أيهم هو؟ أيهم هو؟ قال: فما رأينا منظرا شبها به يومئذ. صحيح.
وقال الوليد بن محمد الموقري وغيره، عن الزهري، قال: فأخبرني عروة أن الزبير كان في ركب تجار بالشام، فقفلوا إلى مكة، فعارضوا رسول الله ﷺ وأبا بكر بثياب بياض، وسمع المسلمون بمخرج رسول الله ﷺ، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه، حتى يردهم نحر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود أطما من آطامهم لشأنه، فبصر برسول الله ﷺ وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العريب هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فلقوا رسول الله ﷺ بظهر الحرة، فعدل بهم رسول الله ﷺ ذات اليمين، حتى نزل في بني عمرو بن عوف من الأنصار، وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر يذكر الناس، وجلس رسول الله ﷺ صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله ﷺ يحسبه أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله ﷺ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرفوا رسول الله عند ذلك، فلبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة.
وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، فصلى فيه، ثم ركب راحلته فسار، فمشى معه الناس، حتى بركت بالمدينة عند مسجده ﷺ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا للتمر لسهل وسهيل، غلامين يتيمين أخوين في حجر أسعد بن زرارة من بني النجار، فقال حين بركت به راحلته:"هذا إن شاء الله المنزل". ثم دعا الغلامين فساومهما المربد ليتخذه مسجدا، فقال: بل نهبه لك. فأبى حتى ابتاعه وبناه.
وقال عبد الوارث بن سعيد وغيره: حدثنا أبو التياح، عن أنس، قال: لما قدم